17‏/12‏/2008

مشروع عيد الشهداء.. عندما يُقتل الشهيد مرتين !!

بقلم- أحمد رضي (كاتب بحريني):

03‏/11‏/2008

القيادة الكارثية لدولة بحرانية قادمة

3 نوفمبر 2008


مزاوجة بين الديني والسياسي في البحرين
بقلم- أحمد رضي (كاتب بحريني):
نوفمبر 2008م

664a02 لا يخفى على المتابع لأحداث البحرين منذ بداية مرحلة الإصلاح السياسي عام 2002م وحتى الآن أن يظهر قلقه وانزعاجه من تدهور الأوضاع السياسية والحقوقية وتراجع مستوى الحريات العامة بالشكل الذي ينسف كل وعود القادة والرموز المعارضة في الداخل بخصوص الأمل الموعود ويضعها خارج دائرة الإمكان والفهم التاريخي لمسار تطور المجتمع والسلطة السياسية الحاكمة، ويجعل العلاقة بينهم تعيش هاجس الصراع مع الآخر بسبب غياب كيان الدولة الشرعي وضياع الأولويات وغياب المشروع الوطني الجامع لكافة التيارات الدينية والقوى السياسية في البحرين.
القيادة السياسية (التي تمثلها عائلة آل خليفة) يؤمن أغلبية الشيعة في البحرين بأنها حكومة قبلية قامت على أساس الظلم والجور والسرقة والقتل والتعذيب، لم تفلح القوانين والدساتير الديمقراطية في تقليم أظافرها وتحويلها لدولة مدنية تراعي حقوق الإنسان وكرامته، وتصون الوطن من الأخطار الحقيقية، وتحفظ لجميع المواطنين (شيعة وسنة) حقوقهم وحرياتهم الأساسية.
ولذلك أعتاد الناس في بعض المناطق الشعبية كالسنابس وجدحفص والديه وسترة وبني جمرة وكرزكان وغيرها على المعيشة بين هواجس الخوف والترقب وحملات المداهمات الليلية والاعتقال التعسفي لأبناءهم أو القيام بالتفتيش المهين في مداخل القرى، وعلى الانتشار المكثف لقوات مدنية (بعثية) مدججة بالأسلحة القاتلة. كل ذلك يحدث بسبب حالة الاحتقان السياسي ونتيجة الهوة الواسعة بين تطلعات المواطنين وطموح العائلة الحاكمة في الاستثار بجميع السلطات والثروات والموارد الطبيعية. من هنا أصبح من العبث إعادة تذكير السلطة بوجوب إحترام حقوق الإنسان وضمان كرامة المعتقل وعدم إهانته أو التذكير ببراءة المتهم حتى تثبت إدانته في محاكم قانونية عادلة!!. خصوصا أن قطاعا كبيرا من المواطنين مازال مؤمنا بالحل الجذري القائم على العدالة وتداول السلطة سلمياً ومنع عائلة آل خليفة من استغلال وتبذير موارد البلاد وضياع ثرواتها، فيما يؤمن قطاع لا يعتد به ببقاء العائلة الحاكمة وعدم الخروج عليها سواء بالعنف أو معارضتها سلمياً عبر خطاب لا يخلو من مبررات دينية وسياسية مهادنة للسلطة.
* القيادة الدينية في البحرين:
بالنسبة للقيادة الدينية في البحرين فإنه لا يوجد لحد الآن إجماع أو توافق على تحديد شكلها بسبب طبيعة الثقافة البحرانية الجامدة والتعدد السلبي للمرجعيات الدينية والمذاهب الفكرية والسياسية، كما تلعب السلطة السياسية دورها في إبراز أو تقليص أية شخصية دينية بحكم هيمنة النظام على جميع السلطات.. الأمر الذي يصعب من خلاله رسم إطار محدد لشكل القيادة الدينية ومرجعيتها العملية في المجتمع البحراني.
122574 ومفهومنا الرمزي للقيادة الاجتماعية والدينية ينصرف إلى (رجال الدين والشخصيات الاجتماعية البارزة) حيث يؤمن أغلبية الشيعة وأهل السنة بوجوب احترامهم وتقديرهم لإنجازاتهم في نشر التوعية الدينية وإشاعة ثقافة حقوق المواطنة دون النظر للانتماء الطائفي أو السياسي. ولكن هذا المفهوم أصبح مشككا ولم يدم طويلاً إلى مرحلة ما بعد وفاة المرحوم الشيخ عبد الأمير الجمري (رحمه الله)، حيث أصبحت القيادة الدينية تمثلها مرجعيات فكرية متفرقة، لم توحد خطابها الإسلامي بالرغم من شعبيتها وتنوع أحزابها، ولم تجمعها المصلحة العامة للمواطن كما كانت بداية الحركة الدستورية في منتصف التسعينات، وأصبحت تتنافس على دوائر شعبية أو انتخابية هنا وهناك، وأصبحت الملفات الساخنة كقضايا التعديل الدستوري أو تدوير الحكم أو سياسة التمييز والتجنيس الطائفي أو مسألة الاعتقال التعسفي وانتشار القوات المدنية (البعثية).. هي قضايا هامشية لا تمثل هاجس قلق بالنسبة لهم أو تجعلهم يحترقون ألماً لنار السلطة وقمعها الوحشي للناس في كل مكان.
* معتقدات وقناعات باطلة:
51bahrوما يؤسف له قيام بعض القيادات السياسية والدينية في البحرين بترويج معتقدات وقناعات باطلة، وهذه الاعتقادات يؤمن بها البعض، وهي باطلة لكونها (قد تتحقق)، وأذكرها هنا للتوثيق وليس بالضرورة أن تكون من ضمن مطالبنا.. مثل:
1. الاعتراف بإستحالة تغيير نظام الحكم، وصعوبة إحداث تغيير جذري في الأوضاع السياسية أو تحسين الوضع المعيشي للمواطن.
2. عدم إمكانية إجراء تعديل دستوري أو التوافق على دستور توافقي في ظل هيمنة الأسرة الحاكمة على جميع السلطات.
3. عدم الرغبة في مواجهة السلطة سلمياً (العصيان المدني) أو تبني مطالب الشارع البحراني كتحسين الوضع المعيشي والاقتصادي أو إلغاء القوانين المقيّدة للحريات وللعمل السياسي، أو أقله الدفاع عن قضايا المعتقلين سياسياً بسبب خروجهم على طاعة أولي الأمر والنهي !!.
4. العزوف عن أية مبادرة لتوحيد الطائفة الشيعية سواء عبر جهة مرجعية يتم التوافق عليها أو عبر مجلس منتخب من جميع المرجعيات الدينية والتيارات السياسية، ومحاولة فرض مجلس علمائي لا يؤمن أغلبية علماء الشيعة به بسبب مركزية القرار وتفرد الأخوة بفرض زعيم ديني لم يتم التوافق عليه من قبل المرجعيات الدينية.
5. التشكيك في أي مبادرة لإصلاح أوضاع المعارضة الداخلية، والهجوم على التيارات الاجتماعية والفكرية الأخرى (مبادرة أ. عبد الوهاب حسين، حركة حق، مركز البحرين لحقوق الإنسان.. ألخ).
6. الاعتقاد بوجود مرجعية دينية وسياسية واحدة ممثلة لتيار الشيعة في البحرين، وبالتالي تحولت الجمعيات والمؤسسات من تكوين إسلامي وطني يجمع كافة المرجعيات الدينية والسياسية المعارضة إلى تيار شعبي قائم على نظام السلطة المركزية الفردية، وتعاطي مبدأ التحالف والمساومة مع القيادة السياسية دون تحقيق أية نتائج عملية فعالة.
7. قيام بعض القيادات الدينية بطرح نظرية ولاية الفقيه في البحرين دون استيعاب الأبعاد الاجتماعية والسياسية والعسكرية الممهدة لطرح النظرية مع اختلاف جوهري في البيئة المحلية اجتماعياً وتعدد المرجعيات الدينية والثقافات الأخرى، الأمر الذي يسيء للنظرية التي يؤمن بها قطاع كبير من شيعة البحرين، ويفرغها من مضامينها الكبيرة بالنسبة لمقدمات الدولة الإسلامية.
8. تؤمن بعض القيادات الدينية بأن الصراع الأساسي ليس مع القيادة السياسية من أجل تحسين مستوى المعيشة وحل الملفات الساخنة، وتلجأ إلى فتح معارك وهمية مثل الصراع مع العلمانية والدفاع عن قانون الأحوال الشخصية أو الخروج بمسيرات سلمية ليست ذات علاقة بالشأن الداخلي المتأزم، ويتم التغاظي عن التحركات الشعبية المساندة للملفات الساخنة في البحرين.
ختاماً.. مشروع القيادة الدينية والسياسية هو إشكالية هامة في تاريخ البحرين المعاصر، ومن الصعب حسم المسألة دون توافق الأمة على شكل القيادة وتحديد دورها وواجباتها وأهدافها الاستراتيجية.
 

06‏/10‏/2008

المدونات الشخصية .. تنافس الإعلام الحر

هل تصبح سلطة خامسة؟


6 أكتوبر 2008

 
المدونات الشخصية .. تنافس الإعلام الحر

تحقيق: محمود النشيط
11بدأ في الآونة الأخيرة انتشار متصاعد في العالم العربي لما يعرف بالمدونات، وذلك بعد أن شاعت في جميع أنحاء العالم، خصوصاً في أوساط الشباب الذين باتوا يتنافسون ويتفاعلون مع نظرائهم على الأرض من خلال هذه الوسيلة حيث يعرفون باسم (بلوغرز)، وتعني باللغة الانجليزية (لوغ)، وهو السجل الذي تدون فيه الأشياء بالتسلسل، و(بيوغرافي) أي يعني كتابة المذكرات الشخصية. وباختصار تعني الكلمة تدوينا إلكترونيا عبر صفحات الانترنت للمذكرات الشخصية.هذه الظاهرة وجدت مكانها بين الشباب البحريني، وبين بعض المشاهير في المجالات المختلفة، وأخذت في التطور لتحمل بين طياتها العديد من الموضوعات المسموح بنشرها أو المرفوضة، وذلك بأسماء أصحابها الحقيقية أو الوهمية، فاتحين المجال للتعليق عليها بحرية مطلقة بعيدة كل البعد عن مقص الرقيب، والقوانين الإعلامية التي تحدد بعض الاحيان ما يسمح بنشره من عدمه وفق الاستراتيجية الخاصة لكل مؤسسة وسياسة البلد. ويسجل تاريخ المدونات رغم حداثة العهد به العديد من المصادمات الأمنية والقانونية لنشره بعض المحرمات في رأي الحكومات مما صدر في حقهم أحكام بغلق مدوناتهم ومن ثم السجن، ومطاردتهم في دول أخرى، بل ان البعض استغل الاجواء المفتوحة في عالم الانترنت للترويج لشتى أنواع المعرفة المفيدة والضارة في الوقت نفسه، التي يتلقفها كل من يبحث عن حاجته على الشبكة.
وقد حملنا العديد من الأسئلة إلى العديد من مدوني البلوغرز على الشبكة العنكبوتية، فمنهم من تجاوب معنا على الفور في تعريف نفسه وصورته، ومنهم من فضل المشاركة متخفياً تحت أسماء مستعارة ومنهم من تجاهلنا كلياً من دون ذكر الأسباب، رغم أن الهدف من هذا التحقيق المساهمة في تعريف القراء على نوع من الوسائل الإعلامية الجديدة التي أخذت في الانتشار مؤخراً، بعد أن حول بعض الشباب في الولايات المتحدة الأمريكية مذكراتهم على الانترنت، إلى مكان لتبادل الآراء حول آخر المستجدات السياسية أو التكنولوجية أو الشخصية أو المعاناة الشخصية وغيرها.
حرية المواطن
121322مشاركنا الأول هو احمد رضي صاحب قلم واضح في التعبير الذي اتخذ المدونة لتوثيق الأعمال الفكرية والأدبية، حتى انتقلت مع أمواج التيار المختلفة لتطرح العديد من الموضوعات الاخرى، ويفتح صاحبها أحمد رضي المجال لكل الزوار بطرح آرائهم بكل حرية وشفافية من باب الحرص على التعرف على الرأي والرأي الآخر والذي يقول عن دافعه لإنشاء المدونة الشخصية: هو الرغبة في تسجيل وتوثيق الأعمال الفكرية والأدبية ونشر المقالات المتنوعة المنشورة هنا وهناك، والطابع العام للمدونة هو اجتماعي وسياسي وثقافي في نفس الوقت، ويميل إلى كشف الحقائق وطرح الملفات الساخنة ومناقشة القضايا المتعلقة بالحركة الإسلامية في البحرين بعين الناقد والباحث عن المعرفة.
وحول مدى مصداقية المعلومات والآراء المقدمة، وهل هي شخصية، أم أنها تأخذ مساحة من الاقناع للآخر، ومدى اعتبارها مصدراً يمكن الاعتماد عليه، أجاب رضي: الآراء والمعلومات التي أطرحها للرأي العام أضعها موضع البحث والمساءلة والنقاش المفتوح، وبعض الآراء هي نتاج تجارب شخصية معبرة عن تعاطفي مع قضايا المجتمع والوطن. ولعل تجربتي المتواضعة مع الصحافة والإعلام علمتني أن أطرح المعلومة الصادقة والموضوعية قدر الإمكان، خصوصاً في ظل حساسية بعض الشخصيات والمؤسسات من الكلمة الحرة والمستقلة.
ويضيف أحمد رضي: لقد سميت مدونتي اسم «سلاحي قلمي« كتعبير عن حرية المواطن في التعبير عن رأيه من دون خوف أو إرهاب من أية سلطة أو رقابة مسبقة، وبحكم اتهام المواطن العربي دائماً بالإرهاب وحمل السلاح في وجه العدو أو الأنظمة السياسية حتى لو كانت القضية مشروعة، فقررت أن أقول كلمتي وأرفع قلمي كسلاح سلمي في وجه الطغيان السياسي والفساد الاجتماعي، ومناصرة قضايا الشعوب الحرة وكل المصلحين وطلاب الحق.
وفي رده على سؤال أليست المدونات مجرد محلات الكترونية على الهواء، وكل يعرض بضاعته من دون ضمان الجودة المقدمة للقارئ؟ قال أحمد: المدونات هي تعبير صارخ عن حرية المواطن في التعبير عن رأيه وسط أجهزة إعلامية رسمية تعمد إلى التحفظ عند نقل الحقائق بشكل لا يعكس تطلع الشعوب إلى الحرية والعدالة الاجتماعية. وهناك بالطبع مدونات شخصية لا هدف من ورائها غير التعارف والثرثرة، والأمر في النهاية رهن إرادة القارئ الواعي.
التعبير عن الذات
أما صاحبة مدونة هذيان الحروف سعاد الخواجة فترى أن المدونات أتاحت إلى الأفراد التنفيس عن همومهم بصورة راقية يشاركهم فيها الآخرون بآرائهم، إلا أنها ترى أن إنشاء المدونات بقصد دوافع التدوين كثيرة وتختلف من مدون لآخر فهناك من يدون لأهداف واهتمامات سياسية وهناك من يدون ليحدث فارقا وتغييرا نحو الأفضل وهناك من يدون ليمد جسور التواصل بينه وبين العالم وهناك من يدون للتنفيس عن نفسه واكتشاف ذاته والحياة من حوله.
599117وأيا كانت دوافع وأسباب التدوين فالدافع المشترك لدى جميع المدونين هو التعبير عن الذات، المدونات أتاحت للجميع الفرصة لإنشاء عالمهم الخاص والتنفيس عن همومهم وأفكارهم ومشاركة الآخرين آراءهم وإبداعاتهم خارج نطاق الحدود الجغرافية. هي نوع من أنواع الكتابة مع فارق أنها أقرب للكتابة التفاعلية منها للمقروءة، فما تكتبه اليوم وأنت تقبع خلف شاشة جهاز الحاسوب في منزلك أو في اي مكان آخر يصل بكبسة زر إلى شتى أنحاء العالم وقد يجد صدى للآخرين فتصل إليك تعليقات من بلدان بعيدة ونائية لم تكن لتصل إليها من خلال أي مطبوعة.
وأضافت الخواجة: أفضل ما يميز التدوين هو تلبيته لنزوات وحالات الكاتب النفسية والمزاجية فأنت تكتب متى ما داهمتك الرغبة في الكتابة من دون التقيد بوقت أو نمط أو شروط معينة للكتابة، فالمدونة تعكس ملامح شخصيتك وتبقى صديقا وفيا يشاركك لحظات فرحك واستيائك كما أنها تحررك من قيود أي وسيلة إعلامية أخرى فالمدون هو الكاتب والمحرر ورئيس التحرير والناشر في الوقت ذاته. لا يوجد قوانين للمدون فان المدون هو من يسن ويضع القوانين ولا توجد جهة رسمية أو رقابة تملي عليك ما يجب أن تقوله أو تكتبه والرقابة الوحيدة التي تتحكم فيما تكتب هي الرقابة الذاتية. كل هذه الأسباب وغيرها جعلت المدونات تحظى بالانتشار والشهرة الحالية.
هي ملاذي الآمن
بالنسبة لي فقد كانت الكتابة ومازالت ملاذي الآمن الذي الجأ إليه لأنفس من خلالها عما يدور بداخلي وأفرغ ما في جعبتي من أفكار. المدونات هي مساحتنا الشخصية التي نعبر فيها ببساطة وعفوية عن أنفسنا، الواحة التي نستريح فيها لحظات لنضع جانبا كل ما يثقل كاهلنا من هموم وشجون، تتحرر الكلمات فندرك أننا أحياء ومازلنا نتنفس.
أما الذي ينتظره المدوّن من قراء مدونته فقالت سعاد: حينما بدأت التدوين قبل عام لم أفكر في القراءة ولم يكن مؤشر الزوار يعني لي شيئا فقد كان الهدف من إنشاء المدونة هو الفضفضة وإيجاد مساحة لاحتواء مشاعري وانفعالاتي الشخصية لذلك كانت تدويناتي أقرب للخاصة منها للعامة. ولكن مع مرور الوقت ومع ازدياد عدد الزوار والمعلقين بدأت أشعر بنوع من المسئولية تجاه من يتجشمون عناء المرور بالمدونة والتواصل معي للتعبير عن ارائهم حول ما أطرحه في المدونة من أفكار وموضوعات. لذلك صرت اليوم أكثر حرصا على انتقاء موضوعاتي، على احترام وتقدير الرأي الآخر حتى إن كان مخالفا لرأيي، فكثير من التعليقات والرسائل الالكترونية التي وردتني ساعدتني على إعادة تقييم كتاباتي وألهمتني أفكارا ومشاريع لم أكن لأفكر بها من قبل. قد لا أكتب دوما ما يتوقعه قراء المدونة مني ولكني كذلك لا أخيب ظنهم بالكتابة في أمور سطحية أو هامشية.
لقد لمست شخصيا ومن خلال إحصائيات الزوار ازدياد عدد الزوار من الدول العربية الأخرى وانتظامهم في قراءة المدونة مقارنة بالزوار من البحرين على الرغم من أن معظم المقالات والقضايا التي أتناولها في مدونتي تعنى بالشأن المحلي والثقافة والهوية البحرينيتين. وهذا ما يثبت أن المدونات تحظى بشعبية ورواج أكبر من الوسائل الإعلامية الأخرى من حيث تمتعها بثقة القارئ العربي لأنها تعكس بشكل مباشر الهوية والبيئة التي يأتي منها المدون من خلال ارائه وأفكاره. هذه الملاحظة جعلتني الآن أكثر اهتماما واعتناء بتناول ونشر الثقافة والتاريخ البحرينيين من خلال المقالات والصور التي أقوم بنشرها بين الحين والآخر، محاولة قدر الإمكان أن أنقل الواقع من دون رتوش أو تلميع. ما أنتظره من قراء مدونتي اليوم وغدا وبعد الغد هو المتابعة والتواصل فهما الترمومتر الحقيقي الذي أستند إليه لتحديد وجهة المدونة.
القدرات والإبداعات
ما هي الإضافة التي يمكن للمدوّن أن يسجلها في عالم القراءة الإلكترونية؟ قالت الخواجة: لم تعد المدونات حكرا على الناس العاديين أو تسجيل المذكرات الشخصية كما كانت في السابق فقد اتسعت رقعة المدونات لتشمل الصحفيين والأدباء والفنانين والمثقفين والسياسيين كما أن بعض رؤساء الدول قد أسسوا مدوناتهم الخاصة. حتى أصحاب الشركات والمؤسسات العملاقة أدركوا اليوم أهمية المدونات فأسسوا بالإضافة إلى مواقعهم الرسمية مدونات يشارك في التدوين فيها أعلى سلطة في هذه المؤسسات كوسيلة للتواصل المباشر مع العملاء الذين يعتبرون المصدر الأول والأساسي لديمومة هذه المؤسسات.
هناك الكثير من الإضافات القيمة التي يمكن أن يسجلها المدون في الفضاء الالكتروني من بينها تنمية القدرات والإبداعات ومد جسور التواصل بين الشعوب والأديان والثقافات الأمر الذي قد يؤدي للمزيد من التفاهم والتسامح من بينها. وبسبب سهولة إنشاء المدونات وسرعة النشر وتوافر التقنيات التكنولوجية الحديثة من نقل الصوت والصورة أصبح المدونون قادرين على نقل الخبر والصورة بشكل أسرع من وسائل الإعلام التقليدية خصوصا عندما يكون المدون في نطاق المنطقة الجغرافية للحدث وبالتالي أصبح بعض المدونات المورد والمصدر الأساسي لاستقاء الخبر، لذلك من المتوقع جدا أن تحظى المدونات بأهمية أكبر خلال السنوات المقبلة بسبب هذه المنافسة وقدرة المدونات على التأثير في الرأي العام وصنع القرار. كما أن اكتساح المدونات الفضاء الالكتروني وتزايد أعدادها في السنوات الأخيرة أفسحا المجال للمزيد من حرية الرأي كما كسرا احتكار الحكومات وسيطرتها على الأجهزة الإعلامية ولن يمضي وقت طويل في اعتقادي قبل أن تصبح المدونات سلطة خامسة.
الهايد بارك
 

414
من جانبه يرى الناشط جعفر حمزة أن الذي يُكسب المدونات حضورها هو خيار تغييب الكثير إن لم تكن كل الأطر القانونية والعرفية والأخلاقية والدينية التي تكون حاضرة في جانب آخر، وفي رده على سؤال هل تشكل المدونات الفضاء المسموح «الهايد بارك« الذي يغيب فيه القانون والأعراف والدين وكل شيء؟ قال حمزة: تمثّل المدونات إحدى النوافذ لعالم لم نصاحبه طويلاً منذ ظهوره وهو عالم الإنترنت، حيث مثّل ثورة في صياغة العلاقة بين الفرد ونفسه وعلاقته مع الآخر، حالنا مثل «أليس« التي دخلت «حفرة الأرنب« لتنتقل إلى عالم عجيب يغيب عنه القانون الفيزيائي والمجتمعي، وقبل الحديث عن «المدونات« وهي غرفة في مبنى عالم الإنترنت، لابد من التطرق إلى المبنى نفسه، فثورة الاتصالات لم تبدأ حين اُخترع الهاتف، بل بدأت حين تم إيجاد وصناعة عالم خاص لكل فرد بضغطة زر، لينتقل من شعور إلى منطق ومن هوى إلى غريزة، وهكذا أصبح الإنسان في هذا العصر، متنقلاً من حال إلى حال، فكيف تتصور إفساح المجال لمجموعة كبيرة من الناس بدخول محل للملابس وأخذ ما يريدون من دون مقابل؟ ستكون الفوضى والهَوَس بأخذ كل ما تطوله اليد حتى القدمان هو «الثيمة« المسيطرة في ذلك الوقت، وبعد فترة يتم اعلان إفساح المجال لدخول محل أطعمة وأخذ ما يودون من دون مقابل أيضاً، ستكون الفوضى بل قد يصل الأمر إلى الشجار في كثير من الأحيان ويكون سيد الموقف، وتستمر الحكاية، والحال هو نفس الحال في عالم الإنترنت الآن، حيث تبقى أعصاب المتصفحين مشدودة ومترقبة لكل «عرض« جديد يسمح لهم بدخول هذا المحل أو ذاك وأخذ ما يريدون بالمجان.
وتلك الحالة من «الانتظار« و«الاندفاع« و«الصدام« و«الاستمتاع« ومن ثم تُعاد الكَرّة مرّة أخرى هي معادلة «الجذب« التي لا تتوقف في العالم الافتراضي. وتمثل المحلات التي ذكرناها حالات مادية كالبضائع والخدمات وحالات فكرية كالعقائد والتوجهات والسلوك، لذا يكون مرتادو الإنترنت في حالة «غازية« دائماً، أي أن ذرات «إثارتهم« لا تتوقف على الإطلاق، ولا يكون ذلك إلا من خلال «لهب« يضمن بقاء حالة المادة الموجودة عند الأفراد في وضع «مُثار« دائماً، نقصد بالمثار هنا هو أي حالة تترتب عليها علاقة تواصل مستمرة بين الفرد والإنترنت.

ويواصل جعفر حديثه قائلاً: وتمثل المدونات إحدى صور ذلك «اللهب« المتقد، فبالرغم من وجود مثلث الاشتعال وهو الوقود والحرارة والأكسجين، فإن ذلك المثلث في الإنترنت لا وجود له، فليس هناك قانون أصلاً. وما يُكسب المدونات حضورها هو خيار تغييب الكثير إن لم يكن كل الأطر القانونية والعرفية والأخلاقية والدينية منها وهو ما يجعلها بمثابة «الهايد بارك« بل أكثر منه، فلا يجوز لك في «الهايد بارك« أن تشتم أو تتعرض للملكة، أما في المدونات بالإنترنت بصورة عامة، فليس هناك خط أحمر على الإطلاق، والفضاء مفتوح إلى أبعد الحدود، ونتيجة لذلك تظهر الكثير من الأفكار والسلوكات فضلاً عن نمو العديد من المرجعيات الفكرية الغريبة، وبعبارة أخرى فإن المدونات هي محلات مفتوحة على الهواء، ومقياس ربحها هو مقدار ما تقدم للفرد من قناعة أو فكرة أو سلوك أو خاطرة، ولا مجال لتلك المحلات بالخسارة، فلا أجر ولا انتظار لبضاعة، والدعاية لها بالمجان، وهو ما يشجع أصحاب المحلات «المدونات« على ابتكار الكثير من التوجهات فضلاً عن كونها «مرآة« لا تعكس بالضرورة حقيقة صاحب المحل، بقدر ما تعكس ما يود أن يكون عليه، وبالتالي فنحن نتعامل مع أطروحات متنوعة ومختلفة في مدونات لا يحكمها منطق بالضرورة، ومن هنا تكمن الصعوبة في التعامل مع المدونات بناءً على «منطق« أو «دين« أو… ولئن كانت المدونات للبعض تمثل «نافذة« شخصية للعالم، فإن البعض يجعلها نافذة من واقعه للعالم، وهو من أخطر المدونات وأشدها أثراً، لأنها ستكون نافذة في جدار ممنوع، وإذا رأيت جداراً كبيراً ولا نهاية له، وفيه فتحة صغيرة فإن الفضول يدفعك للنظر من خلاله، وخصوصا إذا تناهى إلى سمعك أصوات من خلف ذلك الجدار. وهو بالفعل ما يُزعج البعض ليستدعي قواته ليس «لغلق« الفتحة، بل «إبعاد« الناس عنها و«معاقبة« من فتحها.
الخط والمساحة
ومن الأمثلة على ذلك في عالمنا العربي هو المدون «أحمد محسن« صاحب مدونة «فتح عينيك« الذي تم اعتقاله في احدى الدول العربية بسبب كشفه لممارسات التعذيب لوزارة الداخلية بمحافظة الفيوم، فبالرغم من غياب كل القوانين الفيزيائية من الزمان والمكان، والقوانين العرفية والدينية، فإنه مازال هناك قانون لا يستطيع «مصادرة« المحل الإلكتروني لكن بإمكانه أن «يُوقف« صاحبه.
هل تشكل المدونات الجدران التي يمكن لأي أحد أن «يخربط« عليها من دون أن تأتي قوات الشغب لمحوها؟ وما دلالات ذلك؟ أجاب حمزة: «الخط« و«المساحة« هما الأداتان الأوليان للفرد ليعبّر عن رأيه وتوجهاته «غضباً« «فرحاً« «كرهاً« والقائمة تطول. وما انتشار المدونات في العالم العربي إلا نتاج الغياب الحقيقي للخط والمساحة المعبرة عن الفرد تارة أو نتيجة «تطلع« الفرد إلى ما هو أبعد من الموجود تارة أخرى،أو تعبير عن الذات وهو مسألة إنسانية عامة تجدها في العالم العربي أو الغربي على حد سواء. وعند الحديث عن الفضاء المحلي، فإننا نعتبر المدونات هي بمثابة الجدران التي تستدعي المدونين للكتابة أو الرسم أو التعليق عليها، فقد أصبحت هي الفضاء المشاع التي لا يحددها عدد الكلمات أو مقص الرقيب أو الإخراج الفني، وبذا تصبح المدونات «الجدران« هي الخيار الأنسب والأفضل لـ «قيس« ليكتب عليها عبارات الحب لليلى، أو يخط ثائر كلمات المقاومة والكرامة، أو يتلثّم طائفي ليذبح الوطن باسم الدين، وهكذا تصبح الجدران بين «عاشقة« و«ثائرة« و«طائفية«.
وأعطيت كل الحرية للصحافة لأن تكتب ما تشاء - على سبيل المثال - فإن الجدران «المدونات« مازالت الخيار المفضل، فالوقت والحدث والصياغة والصورة والتقديم كلها مُلك يمين من يحمل «الرش« أعني صاحب المدونة، ولا يمكن الاعتماد على قوات الشغب لمحو كل العبارات والرسوم، فالجدران لا تنتهي، ولا يمكن حراستها كلها، إذ تتطلب جيوش العالم لتحرس كل جدار لكي لا يُكتب عليه.
أكسجين الحرية
وعنها قالت المدونة حياة فخرو إن المدونات تنتشر بشكل سريع ولها تأثير لا يستهان به، وبدأت تنافس الوسائل الإعلامية الأخرى، أما أسباب إنشائها مدونة خاصة والآخرين كذلك لأن المدونة هي مساحة حرة من خلالها يطرح المدون افكاره وتجاربه الشخصية والحياتية ورؤيته لما يدور حوله ومن خلالها يطور مواهبه الذاتية وعلاقته مع الآخرين. كذلك هي ملاذ يلوذ إليه الإنسان بعيدا عن الواقع الخانق وبعيداً عن أسنان الوحوش التي تصادر حقه في التعبير عن آرائه ومواقفه وبعيداً عن الوصاية السياسية والدينية والفكرية التي يفرضها البعض على عقله.
اما بالنسبة لجودة ما تطرحه المدونات ومدى مصداقيتها فقالت فخرو: هذه الأمور نسبية ومتفاوتة كما هو الحال مع الكتب وغيرها، وأرى أن المدونات تنتشر بشكل سريع ولها تأثير لا يستهان به، وبدأت تنافس الوسائل الإعلامية الأخرى وخصوصا المواقع والمنتديات والصحف الالكترونية وكذلك غير الالكترونية وهذا مؤشر يدل على وعي الإنسان وحاجته للتعبير عن نفسه وطرح ما يهمه ويهم مجتمعه.
أتمنى النضج أكثر وأكثر لتجربة التدوين في البحرين الحبيبة، وأتمنى أيضا أن يتم استغلال هذه الوسيلة خير استغلال لخدمة الآخرين، وأتمنى على أعداء الحرية المسؤولة والإيجابية أن يتركوا لنا هذه المساحة الحرة لكي نتنفس من خلالها أكسجين الحرية.. الحرية التي كفلها لنا الدستور والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وحول إخفاء بعض المدونين شخصياتهم قالت فخرو: ان المدون في الغالب يتجنب الكشف عن هويته بشكل علني وواضح لكي لا يتعرض لأي سوء ولكي لا تقيد حريته، فأنا في مدونتي أمارس وأتمتع بإنسانيتي وحقوقي التي يراها البعض جريمة يعاقب عليها.
كذلك لا أعتقد أن القراء يهمهم أو يعنيهم التعرف على صورتي ومعلوماتي الشخصية، فأنا من خلال المدونة أهدف لعرض أفكاري ومواقفي، وليس من أهدافي، الشهرة أو البحث عن زوج أو ما شابه ذلك، لكي أعرض صورتي ومعلوماتي الشخصية. فأنا في المدونة مجرد صوت أود أن يسمعه الجميع ويهتم بمحتواه ويفهم رسالته. ومن يرد أن يعرف المزيد عن شخصيتي وأفكاري فبإمكانه التأكد من ذلك عندما يزور مدونتي، لأني سأنقل هذا التحقيق إلى مدونتي وسأكتب رأيي وسأثبت أني صاحبة المدونة والكلام المنشور باسمي.
شخصيتي مجهولة
من أصحاب المدونات الذين أرسلوا لنا باعتذارهم عن المشاركة مع طرح الأسباب صاحب مدونة (قاسي مشاعر) الذي يقول انه يفضل أن تكون شخصيته شبه مجهولة للذين لا يمتون له بصلة ومعرفة شخصية. ويضيف قاسي مشاعر: أتشرف باختيارك لي ضمن مجموعة المشاركين في التحقيق، وأنه لشرف لي الوجود على صفحات جريدة كـ «جريدة أخبار الخليج«. إلا أنني أتمنى أن تقبل اعتذاري عن عدم المشاركة والسبب وجود مواضيع وآراء خاصة وشخصية جداً مكتوبة في المدونة قد يفسرها البعض بالتفسير الخاطئ عند قراءتها وخصوصا مع وجود صورتي الشخصية والاسم وعنوان مدونتي في التحقيق ومعرفتهم صاحب المدونة ومن وراء هذه الكتابات والمواضيع. لذلك أفضل أن تكون شخصيتي شبه مجهولة للذين لا يمتون لي بصلة ومعرفة شخصيتين. وأتمنى أن تتقبل اعتذاري بصدر رحب وتقدر رغبتي على الرغم من شرف وجودي على صفحات جريدتكم.
 
* صحيفة أخبار الخليج، العدد 11155- الثلاثاء، 8 شوال 1429 هـ، 7 أكتوبر 2008 م.
http://www.aaknews.com/ArticlesFO.asp?Article=262514&Sn=INVS


10‏/09‏/2008

لماذا يغيب العمل المحتشم عن الشاشة البحرينية والخليجية؟

10 سبتمبر 2008

24‏/07‏/2008

حزب الله والمعارضة البحرانية.. أين الثرى من الثريا ؟!

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):

24 يوليو 2008م

هنا في البحرين تنادت القوى الإسلامية والوطنية بإبداء مختلف صور التأييد للمقاومة الإسلامية اللبنانية بمختلف تياراتها الدينية والسياسية، فبعضها يغلب عليه طابع الحماس الثوري، وبعضها الرزين المعتدل والمتحفظ، وبعضها يرمي التهم والشكوك حول كل مواطن يرفع علماً أصفر أو يكتب قصيدة حب أو كلمة وفاء للمقاومة الإسلامية !!.

ففي لبنان عاشت المقاومة الإسلامية تجربة وحدة حقيقية بين حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني، وأصبح حزب الله جزء من النسيج الوطني الاجتماعي والسياسي في لبنان ولا ينكر أي عاقل ذلك. كما حققت انتصارها التاريخي على الكيان الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأمريكية، وخلت السجون الإسرائيلية لأول مرة من المعتقلين السياسيين وتم غلق ملف الأسرى والشهداء.

والسؤال الأهم والأكثر حضورا هو ما مدى تأثير تجربة نجاح حزب الله اللبناني على الساحة البحرانية التي تعاني من ضعف تنظيمي للحركة الإسلامية، وعزوف لأغلب الكوادر العلمية المخلصة عن خوض متاهة السياسة، والشكوى من غياب القيادة الحكيمة لإدارة العمل السياسي، إلى جانب غياب البرنامج الوطني الجامع لشتات المعارضة بمختلف مرجعياتها الدينية وتياراتها السياسية. علماً بأن مجتمعنا البحراني يزخر بوجود فقهاء وعلماء وشخصيات قانونية وأكاديمية لها مكانتها العلمية، وبوجود تعددية فكرية وسياسية داخل الطائفة الشيعية نفسها. ولكن ذلك للآسف لم يؤدي عملياً إلى تبلور مشروع وحدة داخلية للنهوض بالطائفة الشيعية ومعالجة القضايا الوطنية بعيداً عن الأهواء الشخصية والحزبية.

وقبل الإجابة على السؤال السابق يجب توضيح العلاقة التي تجمع بين الشعب البحراني وشقيقه اللبناني، وتجعل الأول ينشد الثاني بقلبه وعقله وروحه. فالشعب البحراني المسلم يعيش تعددية سياسية ودينية شبيهة تقريباً بالمجتمع اللبناني ألا أن الشعب البحراني في أحسن أحواله يتعايش على مستوى المشاعر والعلاقات، دون أن يصعد إلى مستوى العمل والديناميك السياسي والذي يفعل أدوات السياسة ويحرك أوراق الضغط على الحكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هناك نقطة مشتركة بين المقاومة وجسدها التنظيمي، وبين المعارضة البحرانية وحراكها السياسي، فالمقاومة أكثر شيء تعول عليه وتعتمد عليه هو القيادة الجماعية، المتمثلة في الأمانة العامة، ومن أهم الأمور أيضاً الإنفتاح على جميع التيارات بصورة حقيقية لا شكلية، وهذان العنصران مفتقدان بصورة واضحة في المعارضة البحرانية، فالقيادة فردية مركزية بحتة لا يمكن التعويل على خطواتها (لإفتقادها الرؤى والإستراتيجيات)، كما أن علاقاتها مع التيارات الأخرى علاقة مشوبة بمرض مزمن يتلخص في المجاملات ويتأطر في بعض المصالح المحدودة، فضلاً على كونها علاقة غير ندية، تعتمد منهج الإلغاء والإسقاط.

وبالتالي نرى أن نجاح حزب الله اللبناني مناسبة للتفكير حول استنهاض المشروع الإسلامي، وهي تجربة تدفعنا لمساءلة أنفسنا حول الاستحقاقات الوطنية التي تحققت على أرض الواقع في بلداننا الخليجية والعربية بالنسبة لطائفة الشيعة التي تعاني من التهميش السياسي والاجتماعي. وما مدى تحقق وعود القادة والزعماء لوعودهم منذ أكثر من 30 عاماً، مما يرسخ عند البعض فشل النموذج السياسي للحركات الإسلامية.

فإلى متى يستمر هذا الإهمال لقطاع واسع من المواطنين (الشيعة) في دول الخليج، ومحاولة إقصاءهم عن مواقع القرار أو تهميشهم سياسياً واجتماعياً كما يحصل في البحرين عبر إفراز واقع طائفي لا يخدم أية فئة. فبالرغم من كل الكفاءات التي يتمتع بها جمهور الشيعة في البحرين، يستمر النظام الحاكم بأجهزته التنفيذية والتشريعية في إقصاء الشيعة عن الوزارات الحيوية، ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية بالرغم من تأييد بعضهم للمشروع الإصلاحي لملك البلاد.

فأغلبية الشيعة تؤمن بمبدأ الإصلاح وفي سبيله قدموا الكثير من التضحيات في مقابل الحصول على حياة كريمة لا مذلة أو إهانة فيها لأي مواطن، وأن كانت الأغلبية الشيعية (البحارنة) لا تعترف بشرعية النظام الخليفي الحاكم، ويتمنون وجود البديل المناسب في الوقت المناسب. لذلك ليس من مصلحة الأنظمة الحاكمة استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية لقطاع الشيعة (خصوصاً في البحرين والسعودية والكويت) وفرز المواطنين على أساس طائفي يجعل من قطاع شعبي كبير على استعداد للمجازفة والتطرف لما لا يحمد عقباه، فهل لنا في تجربة طالبان والزرقاوي والتيار الوهابي خير تجربة على سوء اختيار الأنظمة السياسية لحلفاء انقلبوا عليهم!!

أذن لا يمكن أخذ كل تلك الحقوق المسلوبة إلا عن طريق معارضة تنجح في خطواتها بعمل متقن ومحترف ونزيه وهذا ما لا يمكن اعتباره بل ما لا يمكن توقعه من تجارب البعض، لأسباب عديدة منها: لأنها لا تعمل على تمثيل جميع أطياف التيار الشيعي، فهي تجارب قائمة على أساس حزبي فردي مركزي، وهي بحاجة لإعادة النظر في الكثير من أدوات التعاطي مع قضايا الناس ومعالجة الملفات الساخنة وتغيير طريقة التعامل مع النظام الحاكم. ولذلك أوجه نصيحتي للمعنيين بضرورة مراجعة أنفسهم والاعتراف بالخطأ وتصحيح الأخطاء الجسيمة للحركة الإسلامية وتبعاتها على مستقبل الوطن الضائع.

ومن السخافة وقلة العقل أن يقارن بعض أخوتنا المغمورين بين انجازات حزب الله اللبناني العسكرية ومشاريعه الاقتصادية والاجتماعية الذي قام بإدارة فريق عملياته بنجاح رجل دين وقائد سياسي حكيم وهو (السيد حسن نصر الله)، وبين فئات بحرانية ذو عصبية حزبية انتقلت من حزب الدعوة إلى الإدعاء بولاية الفقيه، كما استغل بعض السياسيين الشباب، الحديث حول المرجعية الدينية لمحاولة فرض أجندة سياسية مناوئة لجميع التيارات الدينية والسياسية التي تملك باعاً علمياً وفقهيا وسياسياً، فضلاً عن محاولة إقصاء الأصوات الدينية والعلمية الصامتة أو المغيبّة عن واقعنا السياسي المريب!!

لقد ثبت بأن المحرك الحقيقي للحس الديني هم العلماء، وبالتالي أخطاؤهم لا تقارن بخطأ رجل الشارع البسيط. فرجل الدين مثلاً عندما يفتي فمن واجب مقلديه إتباعه وفق قتاعاتهم، ولكن عندما يقول رأيه في قضية سياسية أو اجتماعية فمن المحتمل أن تجد معارضة لرأيه ونظرياته.. وأكبر الخطأ هو تقديس الرمز الديني وعدم التفريق بين الرأي الديني والرأي السياسي.

ويبقى السؤال.. لماذا نجح حزب الله وفشلنا نحن ؟!

24‏/06‏/2008

عجبي لأهل البحرين حين تناسوا..!!

24 يونيو 2008

20‏/05‏/2008

دروس من تجربة المقاومة الإسلامية اللبنانية

20 مايو 2008

20‏/04‏/2008

خطاب الوحدة والشتات لدى المعارضة البحرانية

 للشعب حق النصيحة والتكفير عن خطايا المعارضة لابد منه

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
20 أبريل 2008م

يزخر مجتمعنا البحراني بوجود فقهاء وعلماء وشخصيات سياسية وقانونية وأكاديمية لها مكانتها العلمية، والسؤال المطروح هنا: في ظل وجود تعددية فكرية وسياسية داخل الطائفة الشيعية تحديداً، لماذا لم يتبلور حتى الآن (منذ أكثر من نصف قرن) لدى تلك الشخصيات أيّ مشروع وحدة داخلية للنهوض بالطائفة الشيعية ومعالجة قضاياها الوطنية بعيداً عن الأهواء الشخصية أو الحزبية؟! وما هي الموانع الحقيقية وراء تعثر قيام مشروع وحدة داخلي وجلوس المرجعيات الدينية والسياسية كافة على طاولة الحوار والنقاش الجاد حول قضايا الوطن ؟!


• بون شاسع بين النظرية والتطبيق:
خصوصاً ونحن نشهد مظاهر لتجربة وحدة اجتماعية وسياسية كما يحصل في لبنان حيث تعيش المقاومة الإسلامية تجربة وحدة حقيقية بين حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني… ولكننا على مستوى الطائفة الشيعية في البحرين نرى -للآسف- صراع قوى سياسية وشخصيات دينية مع بعضها البعض، فلم ينجح التيار الشيعي في بناء كيان سياسي موحد أو تنظيم يلملم شتات الطائفة الشيعية بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية للمشروع السياسي أو بسبب غلبة الأهواء الشخصية والحزبية، والدليل تلك التجارب الموجودة في واقعنا بدءاً بتجربة جمعية الوفاق الوطني الإسلامي وانشقاق بعض الأخوة (حركة حق) عن الجمعية لاختلاف الرؤى والأساليب في التعاطي مع الملفات الساخنة، وصولاً لتجربة المجلس العلمائي الذي لم ينجح في تنظيم صفوف العلماء الممثلين لمختلف التيارات الدينية في البحرين فضلا عن خلق انسجام تام بين عناصره القيادية الداخلية، وهو الذي يحمل شعار (نحو وحدة وطنية وإسلامية جامعة)!!. (تجدر الإشارة إلى أن معظم العلماء من الوزن الثقيل "حوزوياً" هم خارج دائرة المجلس، كالشيخ عبد الجليل المقداد، سند، نجاتي، وآخرين).

لذلك عندما تنظر لمجتمعنا البحراني تكاد ترى التناقض واضحاً بين النظرية والتطبيق وبين الشعار والواقع، ويتحمل رجال الدين ومن بعدهم الساسة مسئولية تاريخية أمام الأمة لأنهم لم ينجحوا في بناء مشروع وحدة داخلية تعيد للشعب حقوقه الضائعة أمام سلطة أمنية شرسة… ولم ينجحوا في بناء وحدة وطنية تعبر عن طموح الشعب وتضحيات الشهداء الكرام… ولم ينجحوا في تأسيس هوية إسلامية ناهضة في وجه التحديات الفكرية المعاصرة بسبب الانغلاق على الداخل والذات والعداء مع الرأي الآخر، بالرغم من أن مجتمعنا البحراني يزخر بالكثير من الكفاءات الشابة المبدعة على مستوى الأدب والفن والثقافة.. ولم ينجحوا كذلك في توحيد كلمتهم مع رفاق الدرب بخصوص العريضة الشعبية المطالبة بتنحية رئيس الوزراء… ولم ينجحوا أيضاً في بناء أيّ مشروع خيري استثماري أو تأسيس شركة مالية نظيفة لمساعدة الفقراء والمحتاجين… ولم ينجحوا في رفع المستوى العلمي والفقهي للكادر العلمائي الذي يدير المناطق في المدن والقرى… فهل نكون مجحفين عندما نصف الحركة الإسلامية في البحرين بأنها مجرد حركة كشافة وصلاة جمعة وخطب شكلية فقط لا مقصد بعيد لها غير الاصطفاف الحزبي والفئوي!!
 
• ضياع الأولويات سمة للحركة الإسلامية:
أقصى حالات الانفلات في مجتمعنا البحراني ما نشهده من قبل المجلس العلمائي الذي يعيش حال تخبط وانشقاق وضياع بشأن ضبط الاتجاه المرجعي الفقهي والسياسي وتحديد الأولويات الوطنية التي تتعلق بمصير أمة تعيش حال من الاحتقان السياسي الخطير. ففي حين يخرج الناس بمسيرة شعبية تطالب بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين وكشف قتلة الشهيد علي جاسم والتحقيق في جرائم الانتهاك الجنسي مع السجناء… نرى رئيس المجلس العلمائي الشيخ عيسى أحمد قاسم يدعو للخروج بمسيرة غير مكلفة سياسياً، كمسيرة التنديد والاستنكار للإساءة المتوالية في الصحف الدنماركية للرسول الأكرم (ص)، تحت عنوان ( لبيك يا رسول الله ) !!


وقد طرح أحد الأخوة بملتقى البحرين الإلكتروني سؤال مفاده: "عندما نهتف لبيك يا محمد (ص).. فهل نحن حقيقة نمتثل لما جاء به محمد (صلى الله عليه وآله) الذي يقول من أصبح ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، فأين هو الاهتمام بسجنائنا السياسيين الذين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والاعتداءات الجنسية.. أو ليسوا مسلمين.. أين اهتمامنا بهم.. لماذا لم يدع المجلس العلمائي لمسيرات مساندة لعوائل المعتقلين.. أين هو عن قضايانا الملحة.. فعندما نهتف لبيك يا محمد.. يجب أن يكون هتافاً مجسداً على أرض الواقع، فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منهُ عضو تداعى لهُ سائر الجسد بالسهر والحمى.. فأين هو التداعي لقضية المعتقلين وهي قضية تحمل بعداً إنسانياً بالدرجة الأولى.. أين هي الهمم للمطالبة بالافراج عنهم..؟". (انتهى كلامه).

وتعليقي أنه لا يوجد أيّ مانع لنا كأفراد أو جمعيات بإصدار بيان أو الخروج بمسيرة شعبية لدعم القضية الفلسطينية أو حتى تأييد استقلال كوسوفو من باب مناصرة القضايا الإنسانية… ولكن علينا أن لا ننسى الملفات الساخنة العالقة التي تنال كل يوم من انسانيتنا ووطنيتنا، وأن لا ننسى حرمة الدماء وكرامة المسلمين في وطننا العزيز.


• الحد الفاصل بين الدين والسياسة :
المسائل الداخلية مثل العلاقة الحساسة بين الحركات الإسلامية في البحرين يختلط فيها البعد الديني والسياسي، وتصبح الرؤية غير واضحة عند البعض.. بالرغم من شعارات الإصلاح والوحدة الوطنية والإسلامية، ألا أننا لم نشهد أي مشروع وحدة يعيد شتات المعارضة ويجمع الطوائف والأجناس حول ملفات ساخنة قد تشكل نقطة إجماع وطني لم تتحقق ألا في بعض المحطات التاريخية النادرة، وكنت قد ذكرت في مناسبة (تأبين المرحوم عبدالأمير العرب قبل شهور مضت) بأن هناك الكثير من الحقائق المتعلقة بتاريخ الحركة الإسلامية ودور الأحزاب فيها والأهداف السرية لها، والتنافس غير الشريف بين زعمائها الأوائل… وهي أمور يجب أن نسلط الضوء عليها بأمانة وموضوعية إنصافاً للتاريخ والجيل القادم الذي سيطالبنا بالحقيقة، وان نعي أيضاً ان هذه التصورات الخاطئة التي تربينا عليها عن الرأي الآخر والفريق الآخر هي ما يمنع وحدتنا الداخلية ويجعل عدونا يلعب بنا مثل الكرة في ملعب السياسة غير النظيف!!

وواقعنا المأساوي يشهد بأننا نتغنى بشعارات الوحدة وروح الجماعة… ولكننا على مستوى الواقع نخادع أنفسنا، لأن قادتنا ما زالوا يستنكفون الحوار واللقاء مع رموز التيارات الأخرى كالتيار الشيرازي أو المدني أو حركة حق مثلاً. فعندما نختلف فكرياً أو ميدانياً مع أيّ تيار ديني أو سياسي، فهذا لا يعني عدم إمكانية لقائنا وحوارنا مع رموزه وأفراده، ما دام الاختلاف لا يتجاوز الثوابت العقائدية والأخلاقية للدين الإسلامي. ولعلنا نستذكر تجربة المرحوم الشيخ عبدالأمير الجمري في مسعاه الكريم لتوحيد الصف الداخلي مع التيارات الأخرى (شيعة وسنة)، وهي تجربة للآسف توقفت بعد رحيله بسبب الميول الحزبية الضيقة والاختلاف المنهجي والمرجعي في تفكير الرموز الدينية والسياسية الحالية، وتقاطعهم الشديد مع أخوتهم قبل نظرائهم في الفكر والعقيدة والسياسة. لذلك علينا كأفراد وجماعات أن ندعو علماءنا ورموزنا السياسية بتوحيد جهودهم والحوار مع الفرقاء (شيعة وسنة)، واللقاء العملي (داخل البيت الشيعي تحديداً) لتحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة التي ضحى من أجلها شهداء الوطن.

• مواجهة الذات قبل محاسبة السلطة:
منذ بداية الانتفاضة الشعبية أواخر عام 1994 وحتى 2008م لم يتم فتح ومراجعة العديد من الملفات الساخنة مثل: قضية البطالة والفساد المستشري في القطاعين العام والخاص.. قضية تعويض الشهداء والمعذبين والمبعدين.. قضية التجنيس السياسي والتمييز الطائفي.. وملف تقرير البندر الخطير.. قضية الفقر وغلاء المعيشة.. قضية المعتقلين السياسيين… وغيرها من القضايا التي لم تنجح الحكومة ولا المعارضة الداخلية في معالجتها بالطرق الرسمية او السلمية الاحتجاجية. وبالتالي ما نريده من رجال الدين والسياسة والقانون.. هو الكشف عن مكامن الخطأ على الصعيدين الذاتي والموضوعي بوضوح، ومصارحة عقول الناس بجرأة حول أسباب الخلاف ومن ثم الفشل، وآلية بناء الوحدة الداخلية المعبرة عن هويتنا الإسلامية الأصيلة.. وقبل كل ذلك الاعتراف بالخطأ ومحاسبة الذات تواضعا لحق الناس في النصيحة، والتوقف عن جلد الاخرين وتحميلهم خطايا الاخفاق هروباً عن الحقيقة المؤلمة، وتحمل المسئولية كاملة أمام عامة الناس بكل أمانة وقبل فوات الآوان.. فما ننشده هو الحقيقة ولا شيء غيرها.

03‏/02‏/2008

معاناة المعتقلين والضحايا.. إلى أين ؟!

ضياع ملف الضحايا بين نواب الشعب وحكومة رئيس الوزراء!!

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
3/2/2008م.



ا
لأزمة السياسية الأخيرة في البحرين.. كشفت بوضوح معادن رجال نقدرهم ونحترم مواقفهم الوطنية، وهم يقفون في الصف الأول مع معاناة الشعب الذي عانى كثيراً من سياسة النظام القمعية، ولن يتوقف الشعب البحراني أبداً عن المطالبة بحقوقه وحرياته الأساسية مهما كانت التضحيات. ولذلك يأتي تعاطفنا مع نشطاء حقوق الإنسان والمعتقلين السياسيين من دافع ديني وإنساني يعلو فوق العصبية المذهبية أو الحزبية السياسية، سواء حصل ذلك في البحرين أو في السعودية أو سوريا أو مصر أو أية دولة عربية وإسلامية يطالب شعبها بالحرية والكرامة وزوال ليل الظلم الطويل.

معاناة أهالي المعتقلين السياسيين !!فمنذ سقوط الشهيد علي جاسم (ضحية لقانون منع التجمعات والمسيرات السلمية- ديسمبر2007) تصاعدت وتيرة الأحداث في البحرين، ونتج عنها العديد من جرائم انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها قوى السلطة بمشاركة (قوات مكافحة الشغب، القوات الخاصة والمدنية، والمرتزقة من دول عربية)، وهي تشكل جرائم مضافة في سجل حكومة آل خليفة في عهد الإصلاح السياسي مثل: اقتحام البيوت، والدخول عنوة على حرمات المنازل بقوة السلاح، وخطف الناشطين بملابس النوم، والضرب الوحشي وتكسير الأبواب والشتائم وإهانة رموز الطائفة وتمزيق صور العلماء والمراجع وتفتيش الأمتعة والاعتداء على النساء بالضرب والدهس، مع السرقة والنهب.. وصولاً إلى حصار المنازل والقرى بأكملها والاعتداء على حرمة المساجد والأماكن المقدسة، وإرهاب الأهالي هو منظر يذكرك بقوات الاحتلال الصهيوني أثناء حملة المداهمات الليلية للقبض على رموز المقاومة الإسلامية.

يجري ذلك ليلاً ونهاراً من قبل حكومة رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة الذي يعجز أصحاب العمائم والساسة النواب عن انتقاده وتقديمه للعدالة لمحاسبته فضلاً عن محاكمته التاريخية على جرائمه التي اعترف بها علناًً، وتلك شهادة للتاريخ ولذوي الضمائر الحيّة ولأصحاب اللسان والقلم الحر (راجع صحيفة السياسة الكويتية، 26 نوفمبر 2007).


وكنت قد حضرت العديد من جلسات الاستماع لشهادات أهالي المعتقلين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان في البحرين، ولم استطع إحصاء عدد الانتهاكات الوحشية التي ارتكبتها القوات الخاصة وقوات مكافحة الشغب في حق أبناء وأزواج الأهالي الكرام. فكانت شهادات البعض تقطر حزناً تعجز الكلمات ودموع الألم عن وصفه، وهي تؤكد للجميع استمرار فصول المعاناة الإنسانية لشعب مسلم يناضل من أجل الوجود والحياة الكريمة في ظل نظام أمن قمعي لا يعترف أبداً بشريعة الأرض أو السماء.

لقد أحزنني كثيراً رواية تلك الأخت الباكية التي اضطرت لأن تقبل بمذلة قدم الضابط من أجل أن تحظى الأم بلقاء ولدها وفلذة قلبها، وأبكاني منظر تلك الأم الملتاعة بخطف زوجها مع خوف أبناءها الصغار في منتصف الليل.

• فشل جمعية الوفاق في الامتحان !!في الدول التي تتمتع بديمقراطية نسبية يعتبر سقوط المواطن في أحداث سياسية أو اجتماعية ضحية لنظام أمن قمعي يعيش صراع سياسي وتاريخي مع المجتمع وقوى المعارضة.. يكون ذلك مقدمة لبداية نهاية هذا النظام الأمني الذي يستهين بكرامة الإنسان وحرياته الأساسية. وغالباً ما يتبع سقوط الضحية (الشهيد) قيام الجهات السياسية بمحاسبة الحكومة عبر الخطوات التالية:
1- إصدار بيان احتجاج شديد اللهجة ضد الحكومة أو السلطة التنفيذية.
2- زيارة عائلة الضحية للوقوف على أبعاد القضية ومتطلبات العائلة واحتياجاتها الإنسانية بعد غياب الضحية.
3- بيان الموقف الاحتجاجي كفعل عبر الانسحاب من جلسات البرلمان أو تعليق المشاركة فيه لأجل غير محدد.
4- تقديم الدعم المالي والمعنوي لعائلة الضحية (الشهيد) ومؤازرتها والدفاع عن قضية الشهيد أمام الحكومة.
5- تأكيد المطالب السياسية والاقتصادية للشعب، والتذكير بالقضية التي سقط من أجلها الشهيد.
6- التأكيد على حرمة دم المسلم، ومحاكمة المسئول الأول لسياسة الحكومة الأمنية (رئيس الوزراء).
7- مساهمة الرموز السياسية والدينية والقانونية في الدفع باتجاه معاقبة المتسببين بسقوط الضحية (وزارة الداخلية أو قوات مكافحة الشغب) ومحاكمته قانونياً.

وسؤالي: يا ترى غير الخطوة الأولى التي أقدمت عليها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية والرموز الدينية عبر إصدار بيانات التنديد والاحتجاج… ما هو موقفها من القضية الأساسية؟ ولماذا لا تتوازن مواقفها مع حجم التضحيات التي يبدلها هذا الشعب المسلم؟
ومتى كانت دماءنا رخيصة حتى نعجز عن المطالبة بتنحية رئيس الوزراء (خارج الأطر الرسمية)؟ وهل هناك ذرة شك لدى العقلاء في مدى طغيان وفساد العائلة الحاكمة، وتلاعبها وسرقتها لخيرات الشعب، وتشويه صورة ديننا الإسلامي وتاريخنا الوطني؟!!
وهل يملك رؤساء الجمعيات السياسية ورجال الدين الكبار الشجاعة للوقوف في صف الشعب والدفاع عن حقوقه ومطالبه الشرعية؟!


فالمتابع للمشهد السياسي في البحرين يلاحظ بوضوح الفشل السياسي لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية بنوابها والمجلس العلمائي برموزه في تخفيف غضب الشارع البحراني بالصورة التي تسهم في إحتواء الأزمة أو الوقوف مع مطالب أهالي المعتقلين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان وتبني مطالبهم العادلة. فتصور كيف لنواب الوفاق الذين قضى معظمهم بعض سنين حياتهم في الغربة وفي سجون آل خليفة أن لا يتجاوبوا مع مطالب أهالي المعتقلين بالصورة المقبولة خارج الأطر الرسمية!!

ولك أن تتخيل لو قررت جمعية الوفاق مقاطعة جلسات المجلس النيابي كخطوة احتجاجية بسبب لجوء الحكومة للعنف واستخدام السلاح والقوة المميتّة وإطلاق العنان للتعامل الوحشي للقوات مكافحة الشغب والقوات الخاصة والمدنية لمنع الاعتصامات والمسيرات السلمية… أما كان ذلك أجدى من كل خطب التنديد وبيانات الاحتجاج التي لا تسمن ولا تغنى من جوع أمام نظام أمن يمارس الإرهاب والقمع علناً، مع فشل بعض الرموز الدينية والسياسية في تبرير مواقفهم وسكوتهم وهروبهم خارج البحرين !!

• المجلس العلمائي.. وغياب المشروع الاستراتيجي!!من جانب آخر يشارك المجلس العلمائي أيضاً في تحمل المسئولية الشرعية الملقاة عليه في متابعة القضايا الإنسانية والوقوف مع الضحايا والمعتقلين والمعذبين، وكان بالإمكان أن نجد العذر لغياب العلماء وسفرهم للخارج في اللحظات الحرجة للشعب، ولكني أستغرب إحجام أغلب شخصيات المجلس العلمائي عن التعاطي مع الأزمة بصورة مباشرة ومشاركة الناس في آلامهم ومعاناتهم، وربما هذا دليل على غياب الإدارة المنظمة للتعامل مع الأزمات الصعبة حسب الأولويات والخيارات المتاحة، ودليل على غياب ثقافة المشروع الاستراتيجي أو العمل الإداري المنظم لحركة المجلس العلمائي.

ألا يتساءل القارئ معي بأن شخصية دينية كبيرة لديها القدرة على تعبئة الناس والخروج بها مئات وآلاف في مسيرة احتجاج ضد صدور قانون الأسرة (الأحوال الشخصية)، ألا يستطيع الخروج بها في مسيرة أخرى من أجل الدفاع عن تلك الأسرة المسلمة التي تم اعتقال أزواجها وخطف أبناؤها، مع حصار لقرى ومنازل تم ترويع الأمهات وإرهاب للأهالي النشطاء سياسياً وحقوقياً ؟!!

• كلمة أخيرة:من حقنا أن نتساءل بصدق.. أما حان الوقت لأخوتنا بجمعية الوفاق ولعلماءنا الكرام بالمجلس العلمائي بأن يتدارك كلاهما الموقف الصحيح ويقفان وقفة مراجعة وتقييم ذاتي لعلاقاتهم الاجتماعية وآلية معالجتهم للملفات الساخنة، ويفتحان قلوبهم لأخوة النضال والكلمة الصادقة والشخصيات الدينية والاجتماعية والحقوقية الموجودة في الساحة البحرانية ومع معاناة الناس اليومية ؟!
الأيام القادمة مليئة بالمفاجآت.

* موقع قرية السنابس:

http://www.alsanabis.com/article.php?newsID=3408

03‏/01‏/2008

على ظلال فلسطين… الخيار الحسيني

3 يناير 2008

01‏/01‏/2008

في البحرين.. نحن بشر أم حجر ؟!

1 يناير 2008

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
1/1/2008م
في أحد أيام الاعتقال السياسي (خلال انتفاضة 1995) أتذكر كيف دلف المحقق الجلاد بعد أداء عمله، ليخلع ما يخفيّه تحت ملابسه من أسلحة غير ظاهرة.. فكان يخفي سلاحه الناري تحت أبطيّه وآخر معلق بإحدى ركبتيه، فتساءلت في نفسي: بأيّ حق اكتسبه هذا المرتزق ليحمل السلاح ليهدد به حياة المواطنين الأبرياء، ويقتل باسم القانون كل مواطن يجهر برأيه المخالف أو معارض للنظام السياسي. وبالطبع لم يدوم استغرابي طويلاً لأن هذا التصرف وما يتبعه من عمليات قتل وتعذيب والاستهانة بحياة الناس وكرامتهم وحرياتهم ومعتقداتهم الدينية أصبح سمة مميزة للنظام الخليفي الحاكم في البحرين، والذي يرأسها رئيس الوزراء خليفة بن سلمان آل خليفة وهو المسئول الأول عن عمليات القتل والتعذيب والعقاب الجماعي بسبب سياسة حكومته المستبدة ظلماً وفساداً في الأرض.



· تجاهل المطالب الشعبية المشروعة !!
ولا يخفى على القارئ العزيز الدور التاريخي والاجتماعي الهام الذي لعبته معظم قرى ومدن البحرين في أحداث الانتفاضة الشعبية منذ عام 1995، حيث سقط العديد من الشهداء وضحايا التعذيب، وتم اعتقال مئات من الأطفال والشباب والشيوخ، كما عوقبت بعض القرى المنكوبة بالكامل سواء بالحصار الأمني أو عبر فرض حظر التجول والقيام بسلسلة الاعتقالات العشوائية أو الاستخدام الغير قانوني للأسلحة المحظورة من قبل قوات الأمن المرتزقة بوزارة الداخلية، علماً بأن هذه العمليات الغير قانونية تجري من حين لآخر حتى الآن وسط تعتيم إعلامي على معاناة المواطن مع النظام الحاكم في البحرين.
ما ذكرته أعلاه من مقدمة أولية كان لا بد منها، لتوضيح الرأي حول الحقوق المشروعة للقرى الشعبية المهضومة سياسياً واقتصادياً في مملكة البحرين، ومن أجل سماع صوتها وراء ألسنة النار المشتعلة والغازات المسيلة للدموع وطلقات الرصاص الغادر من قبل قوات مكافحة الشغب التي تطوق القرى البحرانية من حين لآخر. مع ما تملكه المعالجة الأمنية القاصرة من ردود فعل انتقامية تطال جميع الناس، ومن سوء فهم وتقصير النظام الحاكم في فهم الرسالة التي يبثها الشباب الغاضب بلغة الشوارع القاصرة حيناً والمستعرة بنار الحقد والغضب على السلطة الرسمية وممثليها في مجلس النواب والمؤسسات الأهلية والدينية معاً.
ويبدو من الواضح أن ردود فعل الحكومة إزاء المطالب الشعبية المرفوعة هنا وهناك، هو تجاهلها وعدم الانصات لها للتعرف على أحقيتها ومشروعيتها، مع سكوت ذريع لرجال الدين والساسة حول الملفات الساخنة التي تشغل بال المواطن البحراني، وفشلهم في ضبط وتنظيم الحركة الميدانية للشارع البحراني المليء بالحفر والمطبات والمتاريس العسكرية !! فقد تغدو أحياناً خطب الجمع أو بيانات الجمعيات السياسية بمثابة مهدئات لتسكين حرارة الشارع البحراني الغاضب، فلم تعد مسكنات رجال الدين وتطمينات أهل السلطة والبلاط الحاكم تطفىء هذه النار المشتعلة في كل بيت، وفي كل قلب، وفي كل لسان يدعو الله تعالى سراً أو علانية. فالطوفان قادم ولن يسلم منه أحد، ما لم يتدارك العقلاء فداحة الخطب القادم قبل أن يحترق الوطن الصغير !!
ولا عجب أن تظهر أصوات من الوسط الاجتماعي أو الديني تطالب المواطن الغاضب بالسكوت والصبر وتذكره بنعم العالم الآخر، وقد تبالغ أحياناً بنقد أعمال الشغب بدون النظر في مسببات اشتعال النار، وفي نفس الوقت لا تملك الشجاعة لقيادة الجماهير الغاضبة نحو ساحة الآمان لتحقيق مطالبه الشرعية العادلة في الحياة الكريمة التي يستحقها هذا الشعب بكل جدارة وامتياز بعد فشل المراحل السياسية السابقة. فكيف نطالب الناس بالسكوت وهي تعاني سنين طويلة من سياسة الحصار الإعلامي ومصادرة آرائها أو تحريف أفكارها عبر وسائل الإعلام الرسمي ؟! وكيف نطالب الناس بعدم التظاهر السلمي وكتمان الألم والغضب وعدم الصراخ بأعلى أصواتنا.. وهي تعاني الفقر والجوع وتشكو من البطالة والتجنيس السياسي والفساد المنظم ؟! وكيف نطالب الناس بعدم التظاهر السلمي أو الاحتجاج بعدم وجود مسوغات شرعية لتبرير أفعال المعارضة، في حين أننا لا نرى مسوغاً أخلاقياً أو دينياً أو قانونياً يبرر قيام عائلة آل خليفة بسرقة الأرض والبر والبحر !! لذلك فالمواطن البحراني بطبعه المسالم لا يحب العنف ويبغض الكراهية، ولكن الجريمة الكبرى تتمثل في أن النظام السياسي الحاكم زرع في قلب كل مواطن بركان غضب سينفجر حتماً، وزرع في كل بيت معاناة لن تنتهي ألا بزوال أسبابها !!
· ما هي رسالة الشباب البحراني ؟!
نتيجة للتعامل الأمني مع قضايا الشباب آبان فترة الانتفاضة الشعبية نتج عنه واقع سلبي لا زلنا نعاني من آثاره في نفوس الناشئة والشباب الذين كانوا بمثابة وقود للانتفاضة الشعبية والثورة على الظلم والطغيان، ولعل أبرز ملامح هذا التعامل الأمني السلبي تمثلت في محاربة الشباب بسبب انتماءاتهم الدينية والسياسية، أو طرد وإيقاف الطلبة النشطين عن الدراسة الجامعية في منتصف التسعينات، أو محاربة العوائل بسبب النشاط الحركي لأبناءها وبناتها، أو منع توظيف العاطلين في الوزارات الحكومية لأسباب طائفية وغيرها.
والرسالة البسيطة التي ينشرها هؤلاء الشباب في الشوارع من حين لآخر، لم تكتب بلغة مستعصية الفهم على عقول رجال السلطة والأمن، وكذلك لم تكتب بلغة مجهولة تحتاج لفهم عميق من رجال الدين والسياسة والقانون وعلماء النفس حتى يفككوا أسرارها..!! فلسان حال هؤلاء الشباب -الذين قد نتفق معهم أو نختلف- لجميع الناس هي أننا نعيش مرحلة صعبة من التشتت السياسي والضياع الاجتماعي.. لا نعرف مستقبلنا كيف هو، ونجهل صورة هويتنا، لأننا ببساطة نعيش الخوف والحقد والكراهية لكل من يتجاهلنا، ولذلك نحارب الخوف والحقد والكراهية لمن زرعه في قلوبنا وجعل حياتنا دون معنى !!.
فهؤلاء الشباب (الجيل القادم) بحاجة لأن نسمع شكواهم، وننصت لمطالبهم، ونعمل على ضمان مستقبلهم ونحافظ على هويتهم الإسلامية وسط عالم يعيش الغربة والضياع. ولأنهم ببساطة أصبحوا قلة غريبة وسط كثرة مستوطنة تنعم بخيرات الوطن وثرواته الضائعة. هؤلاء الشباب هم أخوتنا وأصدقائنا من الواجب تصحيح أخطاءهم برفق ومحبة لا بغلظة وكراهية وعنف، فمن السهل الحوار معهم لأنهم معنا في كل بيت وفي كل زاوية بالقرية والمدينة.. ولسان حالهم -بكل صراحة- أننا قد نختلف جميعاً في تحقيق الهدف لاختلاف الوسائل أو فشل بعضها، وقد نعجز في الوصول للغاية المرجوة من التحرك الشعبي، ولكننا لن نيأس من المطالبة بحقوقنا وحرياتنا، ونرفض سياسة العطايا والمكارم الملكية.
هؤلاء الشباب بمختلف تياراتهم الدينية والسياسية لديهم استعداد للتضحية والإقدام على ما يحسبه الآخرون مغامرة وضياع، خرج بعضهم من المعتقل السياسي بروح جديدة ونظرة متوثبة للحياة الكريمة التي فقدها آبائنا وأجدادنا الأوائل. وبعضهم مشحون بروح الأمل والحماس لتغيير الواقع السلبي، يتمنون أن يعيش الجيل القادم الحرية والآمان والكرامة التي يفتقدونها في أجواء نظام قمعي شرس. فلم تعد الاجتهادات المرجعية والتمايزات الحزبية (خميني، شيرازي، فضل الله، جمري، مدني..) وغيرها هي المانع في وحدتهم، ولأن قضيتهم واحدة والألم واحد لكل أبناء الوطن (سنة وشيعة)، لذلك يجمعهم حلم واحد ومصير واحد، ويطمحون لتحقيق أحلامهم على أرض الواقع بعد أن كفروا بكل الخطب والبيانات وبوعود الساسة ونواب البرلمان.
يريد شبابنا اليوم أن يثبتوا لأنفسهم وللعالم بأنهم بشر لهم كرامة وحقوق مشروعة يستميتون في الدفاع عنها بكل ضراوة ضد كل من يسلبهم حريتهم وحقوقهم. ويشعلها دم الشهيد حرارة لن تهدأ أبداً في أرض البحرين حتى انتهاء المعركة مع قوى الكفر والشر والفساد.
 
* موقع قرية السنابس:
http://www.alsanabis.com/article.php?newsID=3253