بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
24 يوليو 2008م
هنا في البحرين تنادت القوى الإسلامية والوطنية بإبداء مختلف صور التأييد للمقاومة الإسلامية اللبنانية بمختلف تياراتها الدينية والسياسية، فبعضها يغلب عليه طابع الحماس الثوري، وبعضها الرزين المعتدل والمتحفظ، وبعضها يرمي التهم والشكوك حول كل مواطن يرفع علماً أصفر أو يكتب قصيدة حب أو كلمة وفاء للمقاومة الإسلامية !!.
ففي لبنان عاشت المقاومة الإسلامية تجربة وحدة حقيقية بين حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني، وأصبح حزب الله جزء من النسيج الوطني الاجتماعي والسياسي في لبنان ولا ينكر أي عاقل ذلك. كما حققت انتصارها التاريخي على الكيان الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأمريكية، وخلت السجون الإسرائيلية لأول مرة من المعتقلين السياسيين وتم غلق ملف الأسرى والشهداء.
والسؤال الأهم والأكثر حضورا هو ما مدى تأثير تجربة نجاح حزب الله اللبناني على الساحة البحرانية التي تعاني من ضعف تنظيمي للحركة الإسلامية، وعزوف لأغلب الكوادر العلمية المخلصة عن خوض متاهة السياسة، والشكوى من غياب القيادة الحكيمة لإدارة العمل السياسي، إلى جانب غياب البرنامج الوطني الجامع لشتات المعارضة بمختلف مرجعياتها الدينية وتياراتها السياسية. علماً بأن مجتمعنا البحراني يزخر بوجود فقهاء وعلماء وشخصيات قانونية وأكاديمية لها مكانتها العلمية، وبوجود تعددية فكرية وسياسية داخل الطائفة الشيعية نفسها. ولكن ذلك للآسف لم يؤدي عملياً إلى تبلور مشروع وحدة داخلية للنهوض بالطائفة الشيعية ومعالجة القضايا الوطنية بعيداً عن الأهواء الشخصية والحزبية.
وقبل الإجابة على السؤال السابق يجب توضيح العلاقة التي تجمع بين الشعب البحراني وشقيقه اللبناني، وتجعل الأول ينشد الثاني بقلبه وعقله وروحه. فالشعب البحراني المسلم يعيش تعددية سياسية ودينية شبيهة تقريباً بالمجتمع اللبناني ألا أن الشعب البحراني في أحسن أحواله يتعايش على مستوى المشاعر والعلاقات، دون أن يصعد إلى مستوى العمل والديناميك السياسي والذي يفعل أدوات السياسة ويحرك أوراق الضغط على الحكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هناك نقطة مشتركة بين المقاومة وجسدها التنظيمي، وبين المعارضة البحرانية وحراكها السياسي، فالمقاومة أكثر شيء تعول عليه وتعتمد عليه هو القيادة الجماعية، المتمثلة في الأمانة العامة، ومن أهم الأمور أيضاً الإنفتاح على جميع التيارات بصورة حقيقية لا شكلية، وهذان العنصران مفتقدان بصورة واضحة في المعارضة البحرانية، فالقيادة فردية مركزية بحتة لا يمكن التعويل على خطواتها (لإفتقادها الرؤى والإستراتيجيات)، كما أن علاقاتها مع التيارات الأخرى علاقة مشوبة بمرض مزمن يتلخص في المجاملات ويتأطر في بعض المصالح المحدودة، فضلاً على كونها علاقة غير ندية، تعتمد منهج الإلغاء والإسقاط.
وبالتالي نرى أن نجاح حزب الله اللبناني مناسبة للتفكير حول استنهاض المشروع الإسلامي، وهي تجربة تدفعنا لمساءلة أنفسنا حول الاستحقاقات الوطنية التي تحققت على أرض الواقع في بلداننا الخليجية والعربية بالنسبة لطائفة الشيعة التي تعاني من التهميش السياسي والاجتماعي. وما مدى تحقق وعود القادة والزعماء لوعودهم منذ أكثر من 30 عاماً، مما يرسخ عند البعض فشل النموذج السياسي للحركات الإسلامية.
فإلى متى يستمر هذا الإهمال لقطاع واسع من المواطنين (الشيعة) في دول الخليج، ومحاولة إقصاءهم عن مواقع القرار أو تهميشهم سياسياً واجتماعياً كما يحصل في البحرين عبر إفراز واقع طائفي لا يخدم أية فئة. فبالرغم من كل الكفاءات التي يتمتع بها جمهور الشيعة في البحرين، يستمر النظام الحاكم بأجهزته التنفيذية والتشريعية في إقصاء الشيعة عن الوزارات الحيوية، ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية بالرغم من تأييد بعضهم للمشروع الإصلاحي لملك البلاد.
فأغلبية الشيعة تؤمن بمبدأ الإصلاح وفي سبيله قدموا الكثير من التضحيات في مقابل الحصول على حياة كريمة لا مذلة أو إهانة فيها لأي مواطن، وأن كانت الأغلبية الشيعية (البحارنة) لا تعترف بشرعية النظام الخليفي الحاكم، ويتمنون وجود البديل المناسب في الوقت المناسب. لذلك ليس من مصلحة الأنظمة الحاكمة استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية لقطاع الشيعة (خصوصاً في البحرين والسعودية والكويت) وفرز المواطنين على أساس طائفي يجعل من قطاع شعبي كبير على استعداد للمجازفة والتطرف لما لا يحمد عقباه، فهل لنا في تجربة طالبان والزرقاوي والتيار الوهابي خير تجربة على سوء اختيار الأنظمة السياسية لحلفاء انقلبوا عليهم!!
أذن لا يمكن أخذ كل تلك الحقوق المسلوبة إلا عن طريق معارضة تنجح في خطواتها بعمل متقن ومحترف ونزيه وهذا ما لا يمكن اعتباره بل ما لا يمكن توقعه من تجارب البعض، لأسباب عديدة منها: لأنها لا تعمل على تمثيل جميع أطياف التيار الشيعي، فهي تجارب قائمة على أساس حزبي فردي مركزي، وهي بحاجة لإعادة النظر في الكثير من أدوات التعاطي مع قضايا الناس ومعالجة الملفات الساخنة وتغيير طريقة التعامل مع النظام الحاكم. ولذلك أوجه نصيحتي للمعنيين بضرورة مراجعة أنفسهم والاعتراف بالخطأ وتصحيح الأخطاء الجسيمة للحركة الإسلامية وتبعاتها على مستقبل الوطن الضائع.
ومن السخافة وقلة العقل أن يقارن بعض أخوتنا المغمورين بين انجازات حزب الله اللبناني العسكرية ومشاريعه الاقتصادية والاجتماعية الذي قام بإدارة فريق عملياته بنجاح رجل دين وقائد سياسي حكيم وهو (السيد حسن نصر الله)، وبين فئات بحرانية ذو عصبية حزبية انتقلت من حزب الدعوة إلى الإدعاء بولاية الفقيه، كما استغل بعض السياسيين الشباب، الحديث حول المرجعية الدينية لمحاولة فرض أجندة سياسية مناوئة لجميع التيارات الدينية والسياسية التي تملك باعاً علمياً وفقهيا وسياسياً، فضلاً عن محاولة إقصاء الأصوات الدينية والعلمية الصامتة أو المغيبّة عن واقعنا السياسي المريب!!
لقد ثبت بأن المحرك الحقيقي للحس الديني هم العلماء، وبالتالي أخطاؤهم لا تقارن بخطأ رجل الشارع البسيط. فرجل الدين مثلاً عندما يفتي فمن واجب مقلديه إتباعه وفق قتاعاتهم، ولكن عندما يقول رأيه في قضية سياسية أو اجتماعية فمن المحتمل أن تجد معارضة لرأيه ونظرياته.. وأكبر الخطأ هو تقديس الرمز الديني وعدم التفريق بين الرأي الديني والرأي السياسي.
ويبقى السؤال.. لماذا نجح حزب الله وفشلنا نحن ؟!
هنا في البحرين تنادت القوى الإسلامية والوطنية بإبداء مختلف صور التأييد للمقاومة الإسلامية اللبنانية بمختلف تياراتها الدينية والسياسية، فبعضها يغلب عليه طابع الحماس الثوري، وبعضها الرزين المعتدل والمتحفظ، وبعضها يرمي التهم والشكوك حول كل مواطن يرفع علماً أصفر أو يكتب قصيدة حب أو كلمة وفاء للمقاومة الإسلامية !!.
ففي لبنان عاشت المقاومة الإسلامية تجربة وحدة حقيقية بين حركة أمل وحزب الله والتيار الوطني، وأصبح حزب الله جزء من النسيج الوطني الاجتماعي والسياسي في لبنان ولا ينكر أي عاقل ذلك. كما حققت انتصارها التاريخي على الكيان الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأمريكية، وخلت السجون الإسرائيلية لأول مرة من المعتقلين السياسيين وتم غلق ملف الأسرى والشهداء.
والسؤال الأهم والأكثر حضورا هو ما مدى تأثير تجربة نجاح حزب الله اللبناني على الساحة البحرانية التي تعاني من ضعف تنظيمي للحركة الإسلامية، وعزوف لأغلب الكوادر العلمية المخلصة عن خوض متاهة السياسة، والشكوى من غياب القيادة الحكيمة لإدارة العمل السياسي، إلى جانب غياب البرنامج الوطني الجامع لشتات المعارضة بمختلف مرجعياتها الدينية وتياراتها السياسية. علماً بأن مجتمعنا البحراني يزخر بوجود فقهاء وعلماء وشخصيات قانونية وأكاديمية لها مكانتها العلمية، وبوجود تعددية فكرية وسياسية داخل الطائفة الشيعية نفسها. ولكن ذلك للآسف لم يؤدي عملياً إلى تبلور مشروع وحدة داخلية للنهوض بالطائفة الشيعية ومعالجة القضايا الوطنية بعيداً عن الأهواء الشخصية والحزبية.
وقبل الإجابة على السؤال السابق يجب توضيح العلاقة التي تجمع بين الشعب البحراني وشقيقه اللبناني، وتجعل الأول ينشد الثاني بقلبه وعقله وروحه. فالشعب البحراني المسلم يعيش تعددية سياسية ودينية شبيهة تقريباً بالمجتمع اللبناني ألا أن الشعب البحراني في أحسن أحواله يتعايش على مستوى المشاعر والعلاقات، دون أن يصعد إلى مستوى العمل والديناميك السياسي والذي يفعل أدوات السياسة ويحرك أوراق الضغط على الحكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هناك نقطة مشتركة بين المقاومة وجسدها التنظيمي، وبين المعارضة البحرانية وحراكها السياسي، فالمقاومة أكثر شيء تعول عليه وتعتمد عليه هو القيادة الجماعية، المتمثلة في الأمانة العامة، ومن أهم الأمور أيضاً الإنفتاح على جميع التيارات بصورة حقيقية لا شكلية، وهذان العنصران مفتقدان بصورة واضحة في المعارضة البحرانية، فالقيادة فردية مركزية بحتة لا يمكن التعويل على خطواتها (لإفتقادها الرؤى والإستراتيجيات)، كما أن علاقاتها مع التيارات الأخرى علاقة مشوبة بمرض مزمن يتلخص في المجاملات ويتأطر في بعض المصالح المحدودة، فضلاً على كونها علاقة غير ندية، تعتمد منهج الإلغاء والإسقاط.
وبالتالي نرى أن نجاح حزب الله اللبناني مناسبة للتفكير حول استنهاض المشروع الإسلامي، وهي تجربة تدفعنا لمساءلة أنفسنا حول الاستحقاقات الوطنية التي تحققت على أرض الواقع في بلداننا الخليجية والعربية بالنسبة لطائفة الشيعة التي تعاني من التهميش السياسي والاجتماعي. وما مدى تحقق وعود القادة والزعماء لوعودهم منذ أكثر من 30 عاماً، مما يرسخ عند البعض فشل النموذج السياسي للحركات الإسلامية.
فإلى متى يستمر هذا الإهمال لقطاع واسع من المواطنين (الشيعة) في دول الخليج، ومحاولة إقصاءهم عن مواقع القرار أو تهميشهم سياسياً واجتماعياً كما يحصل في البحرين عبر إفراز واقع طائفي لا يخدم أية فئة. فبالرغم من كل الكفاءات التي يتمتع بها جمهور الشيعة في البحرين، يستمر النظام الحاكم بأجهزته التنفيذية والتشريعية في إقصاء الشيعة عن الوزارات الحيوية، ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية بالرغم من تأييد بعضهم للمشروع الإصلاحي لملك البلاد.
فأغلبية الشيعة تؤمن بمبدأ الإصلاح وفي سبيله قدموا الكثير من التضحيات في مقابل الحصول على حياة كريمة لا مذلة أو إهانة فيها لأي مواطن، وأن كانت الأغلبية الشيعية (البحارنة) لا تعترف بشرعية النظام الخليفي الحاكم، ويتمنون وجود البديل المناسب في الوقت المناسب. لذلك ليس من مصلحة الأنظمة الحاكمة استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية لقطاع الشيعة (خصوصاً في البحرين والسعودية والكويت) وفرز المواطنين على أساس طائفي يجعل من قطاع شعبي كبير على استعداد للمجازفة والتطرف لما لا يحمد عقباه، فهل لنا في تجربة طالبان والزرقاوي والتيار الوهابي خير تجربة على سوء اختيار الأنظمة السياسية لحلفاء انقلبوا عليهم!!
أذن لا يمكن أخذ كل تلك الحقوق المسلوبة إلا عن طريق معارضة تنجح في خطواتها بعمل متقن ومحترف ونزيه وهذا ما لا يمكن اعتباره بل ما لا يمكن توقعه من تجارب البعض، لأسباب عديدة منها: لأنها لا تعمل على تمثيل جميع أطياف التيار الشيعي، فهي تجارب قائمة على أساس حزبي فردي مركزي، وهي بحاجة لإعادة النظر في الكثير من أدوات التعاطي مع قضايا الناس ومعالجة الملفات الساخنة وتغيير طريقة التعامل مع النظام الحاكم. ولذلك أوجه نصيحتي للمعنيين بضرورة مراجعة أنفسهم والاعتراف بالخطأ وتصحيح الأخطاء الجسيمة للحركة الإسلامية وتبعاتها على مستقبل الوطن الضائع.
ومن السخافة وقلة العقل أن يقارن بعض أخوتنا المغمورين بين انجازات حزب الله اللبناني العسكرية ومشاريعه الاقتصادية والاجتماعية الذي قام بإدارة فريق عملياته بنجاح رجل دين وقائد سياسي حكيم وهو (السيد حسن نصر الله)، وبين فئات بحرانية ذو عصبية حزبية انتقلت من حزب الدعوة إلى الإدعاء بولاية الفقيه، كما استغل بعض السياسيين الشباب، الحديث حول المرجعية الدينية لمحاولة فرض أجندة سياسية مناوئة لجميع التيارات الدينية والسياسية التي تملك باعاً علمياً وفقهيا وسياسياً، فضلاً عن محاولة إقصاء الأصوات الدينية والعلمية الصامتة أو المغيبّة عن واقعنا السياسي المريب!!
لقد ثبت بأن المحرك الحقيقي للحس الديني هم العلماء، وبالتالي أخطاؤهم لا تقارن بخطأ رجل الشارع البسيط. فرجل الدين مثلاً عندما يفتي فمن واجب مقلديه إتباعه وفق قتاعاتهم، ولكن عندما يقول رأيه في قضية سياسية أو اجتماعية فمن المحتمل أن تجد معارضة لرأيه ونظرياته.. وأكبر الخطأ هو تقديس الرمز الديني وعدم التفريق بين الرأي الديني والرأي السياسي.
ويبقى السؤال.. لماذا نجح حزب الله وفشلنا نحن ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق