10 سبتمبر 2008
بين رقابة الإعلام وقلة الموارد وتهرّب المنتجين
لماذا يغيب العمل المحتشم عن الشاشة البحرينية والخليجية؟
لماذا يغيب العمل المحتشم عن الشاشة البحرينية والخليجية؟
تحقيق أعده- أحمد
رضي:
10 سبتمبر 2008م.
تشهد الساحة الفنية الخليجية والبحرينية خصوصاً عزوف المخرجين وشركات
الإنتاج عن إنتاج أعمال درامية دينية وتاريخية. وقد يطرح البعض أسباب العزوف بأنها
تكمن في نقص التمويل المالي أو الخبرة الفنية والتقنية الكافية أو غلبة المناخ
السياسي وكثرة القيود التي تحد من انتشار العمل الديني بين وزارة الإعلام ووزارة
الشئون الإسلامية… لاستيضاح الصورة حملنا أسئلتنا لطرحها على أصحاب الشأن الفني
والتجاري للتعرف على خارطة انتشار الأعمال الدرامية الدينية في منطقة الخليج
والبحرين تحديداً.
* دعوة المؤسسات لتبني
الأعمال الدينية:
يذهب محمد
حجيري (مخرج ومعد ومؤلف) إلى أن أيّ عمل درامي يحتاج إلى سيولة انتاجية، وكشركات
إنتاج من الطبيعي أن تفكر في الربح والخسارة قبل الإقدام على أيّ عمل إعلامي أو
فني. وهناك جهات من المفترض أن تتبنى مثل هذه المشاريع والأعمال الدينية بالرغم من
تكلفتها الباهظة كالمجلس العلمائي والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وجمعية التوعية
الإسلامية وحتى المآتم الحسينية… لذلك لا بد أن تفكر المؤسسات والجمعيات في
الاستثمار في هذه الأعمال الدرامية.
وبالنسبة
لغياب العمل الدرامي الديني في البحرين يضيف الحجيري يكفي القول بأن إيران قدمت
تجربة عالمية محترفة، وسوريا كذلك بالرغم من أنها لا تمتلك القدرة الفنية في توظيف
النص الديني وتجسيد سيرة الشخصيات الدينية، ويؤكد حجيري أن العمل الدرامي في
البحرين بتواضعه البسيط أفضل من الدول الجارة، فإن الأعمال الدرامية هناك تفكر في
الربح التجاري قبل التفكير بجودة العمل خلاف الظاهر في البحرين، فهناك شباب عمل
متحمس للعمل الديني، ويفكر وفق ظروف الزمان والمكان وحسب الإمكانيات المتاحة
له.
ويعكف المخرج
محمد حجيري على صناعة فيلم وما زال يبحث عن منتج، وقد سعى لأكثر من جهة من أجل دعم
العمل وإبرازه بصورة لائقة، وهو يدور حول شخصية إسلامية (حجر بن عدي الكندي)
والحكاية مأخوذة من قصة (غادة كربلاء).
* نجاح الأعمال الدرامية في آيران
ولبنان وسوريا:
كمال أحمد علي (مدير عام شركة الشرق للإنتاج الفني) يرى بأن هناك
توجهاً جيداً في الوسط الديني الملتزم نحو إنتاج مسلسلات وأفلام ورسوم متحركة مع
توظيف النص الفني والشكل التقني المحترف لإنجاح العمل الدرامي الديني. ويلمس كمال
هذا التوجه خصوصاً في آيران ولبنان، بينما لم يسر مثل هذا التوجه في الدول الخليجية
ألا بنسبة ضئيلة بسبب المناخ السياسي الموجود في دول الخليج، وقلة الكفاءات الفنية،
ونقص التمويل المالي الكافي، وغياب الجدوائية الاقتصادية لمثل هذه الأعمال
الدرامية.
كمال بدا
متفائلاً بخصوص انفتاح دول مثل آيران ولبنان وسوريا على تبني الأعمال الدرامية
الدينية، وطرحها على مستوى عالمي وحصولها على الكثير من الجوائز. ويذكر على سبيل
المثال: مسلسل مريم المقدسة، مسلسل المسيح (عليه السلام)، ومسلسل النبي يوسف (عليه
السلام) وهو عمل ضخم قيد الإنتاج، وكذلك مسلسل النبي سليمان (عليه السلام) الذي
تتنافس على عرضه وشراء حقوق التوزيع السينمائي ثلاث شركات أمريكية عالمية.
وكشف كمال
بأنه يجري الإعداد حالياً في آيران لعمل فيلم ديني حول الإمام الحسين (عليه
السلام)، وقد تم توزيع أفلام أخرى مثل (النبراس، موكب الآباء، أبو الفضل العباس،
وأرض الطف) حيث تقوم شركة الشرق للإنتاج الفني بتوزيعه في السوق الخليجية والعربية.
ويجري الإعداد ايضاً لمسلسل ديني حول شخصية أويس القرني أحد أصحاب الإمام علي (عليه
السلام)، ومسلسل الشيخ المفيد، ومسلسل مالك الأشتر وغيرها.
* نجاح الدراما الدينية قائم على
المال والتسويق:
طاهر محسن
(مخرج وممثل) يرى أنه من الطبيعي لأيّ مؤسسة أو شركة أن تخطط أعمالها من أجل الربح
المادي، فالأعمال الدينية لا يوجد ورائها ربح مادي في مقابل الأعمال الدرامية
العاطفية أو الكوميدية وغيرها. وبالتالي قلة من يفكر في دعمها والمغامرة بقبولها،
وعلى الرغم من انتشار القنوات الفضائية الدينية ألا أنها تبقى فقيرة مادياً من حيث
قلة الأعمال، وليس لديها استعداد لشراء أعمال دينية.
ويضيف محسن
بأن هيئة الإذاعة والتلفزيون لها كل الحق في التصريح لأيّ مادة أدبية (فيلم) وفق
شروط الملكية الفكرية، ولكن ليس لها أيّ اعتراض مسبق على بث الأعمال الملتزمة ما
دامت لا تتعارض مع القانون والأخلاقيات العامة أو تمس بالأديان السماوية والقيادة
السياسية.
* غياب النصوص الدينية ولغة الوطن
الجامعة:
عصام ناصر (ممثل وصحافي وعضو ورئيس اللجنة الثقافية بمسرح أوال) يرى سبب
غياب الأعمال الدرامية الدينية عن الشاشة الخليجية والبحرينية يكمن في غياب النصوص
الدينية وغياب المصداقية في العمل الفني مما يؤدي إلى إحجام المؤلفين للكتابة في
العمل الديني، ومثال على ذلك ما نشهده من مشاكل كبيرة تعرض لها العمل الدرامي في
مصر مثلاً حيث تعرضت للكثير من الانتقاد لدرجة تكفير البعض بسبب غياب الدقة العلمية
والحاجة للبحث والتحريّ ومحاكاة المجهول، لأن العمل الديني لا يقوم على الخيال فقط.
ويتساءل ناصر
لا بد من دراسة ماذا يريد المشاهد ؟ وما هي الأعمال التي تحاكي الواقع المعاش سواء
في اطار كوميدي أو تراجيدي، فمهمة الكاتب هو مراقبة الوضع وتصويره بأمانة ودقة. لأن
الهدف المعنوي لا يقل أهمية عن الهدف المادي، وكل المعطيات تحفز على نجاح العمل
الديني لأنها تعبّر عن رسالة نبيلة تسمو بالمجتمع نحو القيم والمبادئ العالية
بالرغم من ضعف التسويق لدى شركات الإنتاج.
ووزارة
الإعلام معنية بدعم الأعمال الدرامية، لأنها تذكرنا بهويتنا الدينية كمجتمع مسلم.
ولكن المشكلة كما يراها ناصر بأن الجانب السياسي قد دخل في كل جوانب حياتنا، وأصبحت
الطائفية جزء من السياسة، وبات العمل الفني يلقى حساسية في بعض القضايا المتعلقة
مثلاً بقضايا الإرهاب أو الصراع مع العلمانية وغيرها، وغاب أيضاً الهم الوطني
الجامع الشامل، بالرغم من أن ديننا واحد كشيعة وسنة.
* مجلة الرمضانية البحرينية- العدد (8)، شهر رمضان 1429هـ،
سبتمبر 2008م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق