10‏/12‏/2002

الملفات الساخنة في البحرين

10 ديسمبر 2002 

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
منتديات البحرين- ديسمبر 2002م.
 
بالرغم من طبيعة المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تمر بها البحرين، ألا أن هناك شريحة كبيرة من الناس ما زالت تحمل قلق التجربة الجديدة وهواجس متراكمة نتيجة أحداث السنين الماضية. حيث تمر البحرين في هذه المرحلة الهامة بمنعطفات خطيرة برزت من خلالها ملفات سياسية واجتماعية واقتصادية هامة، وهي قضايا حساسة تتطلب الحوار الموضوعي والمعالجة الدقيقة، وصولاً للحقيقة المنشودة لصالح الوطن والمواطن.. ومن أبرز هذه الملفات الساخنة:

1- ضرورة فتح الملف الأمني، والعمل على التخلص من الرموز الأمنية وإقصائهم من مواقع السلطة والقرار.

2- محاسبة كل من تثبت إدانته بشأن ارتكاب جرائم تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان أو قضايا التعذيب المدني والنفسي، والعمل على تقديم الجلاد عادل فليفل وآخرين للمحاكمة العلنية.

3- وقف التجاوزات المالية والفساد الإداري في أجهزة الدولة، وكشف أسماء المرتشين وذوي النفوذ الشخصي على حساب المصلحة العامة.

4- كشف كل من تثبت علاقته مع إسرائيل أو الداعين للتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، ومقاطعة الشركات التجارية التي تتعامل سراً أو علناً مع الشركات الأمريكية الداعمة لهذا الكيان بأي شكل من الأشكال.

5- توضيح حدود السلطات الثلاث والفصل بينهم، وبيان حدود الاختصاص بين مجلس الشورى والمجلس النيابي المنتخب.

6- القضاء على كل أشكال التعصب السياسي والديني والتمييز الطائفي في وزارات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص.

7- التفريق بين العمل السياسي القانوني والعمل الحزبي السريّ، وأهمية كشف ملابسات تنظيم السفارة الديني، وكشف التجاوزات الغير القانونية (واللاشرعية) لقيادته المنحرفة التي تحظى بدعم خاص من قبل الجهاز الأمني، وبيان انحراف قائدها الروحي عبدالوهاب البصري، وقبل أن تتحول لأزمة طائفية مقيّتة تهدد وحدتنا الإسلامية والوطنية.

8- حل أزمة البطالة بقرار سياسي قبل أن تتفاقم كأزمة اجتماعية شعبية تهدد أمن واستقرار الوطن.

9- وقف كل أشكال التجنيس الغير قانوني، وتصريف الأجانب بشكل إنساني، وإعطاء الجنسية للمستحقين من (البدون).

10- إلغاء وزراة الإعلام، وإعادة رسم سياسة جديدة لحرية الصحافة والإعلام بالشكل الذي يعكس طبيعة التغيرات السياسية للبلاد، وتوسيع مساحة الرأي الشعبي في المنتديات المفتوحة بشكل قانوني.

11- بيان الدور الخفيّ للمؤسسات الأجنبية التي تلعب دوراً أمنياً يضر بمصالح البلاد من حيث الوجود العسكري أو المعاملات الخاصة (كنوادي الروتاري والليونز) وغيرها.

12- تحديد الحد الأدنى للأجور في مؤسسات القطاع الخاص، وإعلان ميزانيتها العامة للعلن.

13- توافر مقومات الحياة المعيشية الكريمة للأسرة البحرينية، وضرورة وجود قانون لتنظيم الأسرة البحرينية كقانون (الأحوال الشخصية).

14- تصحيح الأوضاع الاجتماعية، وضرورة تشريع قوانين لحماية الطفولة والمرآة، ومعالجة قضايا الانحراف الأخلاقي وما يدمر روح الناشئة والشباب.

15- دراسة كثرة حالات الطلاق وإزدياد العوانس، وعدم وجود لجنة لمتابعة أحوالهم الاجتماعية والاقتصادية، وما يترتب على الجيل القادم من نتائج خطيرة.

16- تسهيل اجراءات عودة المنفيين المبعدين للخارج، وعدم إهمال قضية البحرينيين المفقودين في دولة العراق وأفغانستان.

17- تركيز مبدأ الوحدة الإسلامية والوطنية بين جميع التيارات السياسية والدينية (الشيعة والسنة). وضرورة وجود مرجعية فقهية جديدة في المحاكم الشرعية، وأهمية انتخاب مجلس قضائي مستقل عن الجهاز الحكومي، وتصحيح الأوضاع الإدراية في الأوقاف الجعفرية والسنيّة، وإلغاء المجلس الإسلامي الأعلى.

18- الحرص على إحياء ذكرى الشهداء سنوياً بالصورة الحضارية المشرفة للوطن، ومتابعة شؤون عوائلهم الإنسانية.

19- تشريع أسس جديدة للمعارضة السياسية (في الداخل والخارج)، من خلال تكوين جبهة إسلامية وطنية للحفاظ على ما تم تحقيقه، واستعادة حقوق الشعب وحرياته الأساسية.

20- الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للشعب البحريني، وتنويع أساليب الدعوة والمعارضة القانونية، وتفعيل المبادرات الأهلية الخيرية.
 
http://montbh.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=277

20‏/11‏/2002

الإنترنت وحرية التعبير.. دعوة لتشريع قانوني عادل

20 نوفمبر 2002

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
صحيفة الطليعة الكويتية:
السبت 8-14 شوال 1423هـ الموافق14-20 ديسمبر 2002
العدد 1556

منتديات البحرين- 20 نوفمبر 2002م.
 
الإنترنت وحرية التعبير·· دعوة لتشريع قانوني عادل
إغلاق المواقع الإلكترونية انتهاك لحرية التعبير




· دول عربية تمنع مواطنيها من ارتياد بعض المواقع التي تعالج أمورا تتعلق بالسياسة وحقوق الإنسان!!
· الدخول الى شبكة الإنترنت لتداول المعلومات من الحقوق الأساسية للتعبير عن الرأي
· الحق في حرية التعبير من الحقوق المعترف بها عالميا حيث إن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يضمن ذلك لكل إنسان
ورقة أعدها أحمد رضي “كاتب بحريني”
ما زالت عملية إغلاق المواقع الإلكترونية التي تقوم بها شركة بتلكو البحرينية تتفاعل في الوسط الشعبي، ودون أن تقوم الجهات الرسمية باتخاذ الإجراءات القانونية السليمة التي تضمن للجميع حرية التعبير والنقد في نطاق القانون· وفي هذه الورقة أحاول بيان الممارسات الخطأ التي تقوم بعض الأنظمة السياسية وأجهزتها من خلال منع الرأي الآخر وحجب المعلومات، ليصل الانتهاك إلى درجة إغلاق المواقع الإلكترونية لأسباب أمنية أو سياسية أو أخلاقية·
إلى شركة بتلكو ومن وراءها
أصبح الإنترنت مثل ساحة فضاء مفتوح لجميع الناس للتعبير عن آرائهم وترويج أفكارهم ومعتقداتهم، وهو بمثابة اللغة الجامعة بين مختلف الشعوب، واللغة العالمية التي نتواصل من خلالها، بعيداً عن أجواء المنافي المظلمة والمعتقلات الرهيبة !!
ولعل التشريعات السابقة التي تستند إليها شركة بتلكو البحرينية في مسألة غلق المواقع الإلكترونية، كانت من وحي قانون أمن الدولة الذي أجاز مصادرة الحريات الخاصة بالتسلل الى أجهزة الآخرين ومراقبة نشاطهم الإلكتروني (مع الحرص على منع المواقع المخلة بالآداب والأخلاق)، أو سرقة بعض المعلومات المهمة· بالإضافة إلى منعها لخدمات الاتصال الصوتي المفتوح عبر أجواء الإنترنت، وتحريم الدخول الى بعض المواقع الإلكترونية باستخدام البروكسي، وبالتالي منع الاستفادة من أجواء الحريات السياسية والدينية والثقافية· ولذلك فإننا مطالبون أمام هذا الوضع الذي يعتديّ على حريتنا وحقوقنا، بموقف شعبي لكسر سلطة النفوذ والاحتكار الذي تمارسه شركة بتلكو، والدعوة إلى تشريع قانوني عادل، وإلغاء كافة القوانين التي تحدّ من حرية التعبير في مختلف الوسائل الحرة كالصحافة والإعلام والمنتديات الإلكترونية· والعمل على كشف الممارسات الخاطئة التي تنتهك هذا الحق أو تهدده كما تحدده (منظمات حقوق الإنسان)، والمطالبة برسم السياسات العامة التي تحدّ من تدخل ومراقبة السلطات· والحرص على إيصال خدمة الإنترنت لأكبر عدد من المواطنين، من خلال تشجيع الاشتراك بخدمة الإنترنت عبر تخفيض الأسعار وتحسين مستوى أنظمة الاتصالات الشبكية، وزيادة سرعة الاتصال بالشبكة العالمية، ليكون مواكباً للتطورات التقنية الحديثة إقليمياً وعالمياً·
فالجميع يعلم أن قانون أمن الدولة السيئ قد انتهى الى غير رجعة إن شاء الله، ولكننا ما زلنا نعاني من وجود آثاره السلبية ورموز تلك المرحلة السوداء من العهد السابق· لذا نحن بحاجة الى مبادرة شجاعة لإلغاء كل القوانين التي شرعت خارج إطار أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، والعمل على إسقاط القيود الأمنية على التي تقيّد حرية التعبير عبر الإنترنت، وفتح المواقع الإلكترونية التي قامت شركة بتلكو بإغلاقها مباشرة دون دواع أخلاقية أو قانونية· والعمل على إجراء تخفيض حقيقي على أسعار خدمة الإنترنت وكافة تطبيقاتها، والسماح بإنشاء شركات اتصالات منافسة، لتقديم خدماتها التجارية الشاملة· بالإضافة إلى تشجيع الشركات الخاصة ودعم قطاع تقنية المعلومات على ممارسة الاستقلالية وإدارة الموارد بتكاليف جيدة، ووضع شروط ميّسرة لشراء البرامج الأصلية وغير المقلدة·
تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان
من المفيد أن نلقي الضوء على تقرير خاص لمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان"، التي رسمت طائفة من المبادئ العامة لتشجيع الحكومات على تشريع قوانين تعزز سبل حماية حرية التعبير في هذه المرحلة المبكرة من نمو شبكة الإنترنت· وقد استمدت هذه التوصيات من "مبادئ وضع السياسات الخاصة بالإنترنت" التي اعتمدتها هيئة من خبراء الإنترنت، لتكون دليلاً يسترشد به صناع السياسات في عملهم بحيث يظل الإنترنت مجالاً مفتوحاً·
يشير التقرير في بدايته إلى الطرق التي لجأت إليها الحكومات لتقييد حرية تدفق المعلومات عبر الشبكة؛ فالمملكة العربية السعودية واليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة فرضت رقابة عليها عبر برنامج وسيط (Proxy Server)، وهي برامج خاصة تعترض سبيل المعلومات من بين المصدر والمستقبل لغربلتها ومنع استقبال مواد معينة· وفي كثير من البلدان، ومنها الأردن، بات استخدام الإنترنت بفضل سياسات الضرائب والاتصالات ذا بعد باهظ التكلفة حتى لم يعد في مقدور الكثيرين الانتفاع منه ـ سواء أكان ذلك أم لم يكن هو الهدف المقصود من تلك السياسات· أما تونس فقد سنت أكثر القوانين المنظمة لاستخدام الإنترنت تفصيلاً في المنطقة، وقد أُعد في جانبه الأكبر على نحو يضمن ألا تفلت الاتصالات عبر الشبكة من القيود الصارمة التي تفرضها الحكومة على حق مواطنيها في ممارسة حرية النقد والتعبير عبر أجهزة الإعلام الأخرى·
ويكشف التقرير أن معظم البلدان التي لم تصدر قوانين خاصة بالإنترنت، كان للقيود المفروضة بحكم القانون أو الواقع على حرية القول والصحافة أثر هائل على المواد المتداولة عبر الشبكة، خاصة في المنتديات العامة مثل النشرات المفتوحة أو "حجرات الدردشة" (وهي مواقع يمكن فيها للمشاركين أن يتبادلوا الحديث في اللحظة نفسها)· وفي منطقة درجت فيها الكثير من الحكومات على التنصت على هواتف المعارضين، يعتقد مستخدمو الإنترنت في الكثير من البلدان، ومن بينها دول خليجية وأفريقية أن حكوماتهم تنتهك سرية مراسلاتهم عن طريق نظم مراقبة البريد الإلكتروني· وقد أمضى مواطن بحريني سابقاً أكثر من سنة في السجن للاشتباه في أنه يرسل معلومات "سياسية" الى بعض المعارضين في الخارج عبر البريد الإلكتروني !!·
ومن حسن الحظ أن بعض حكومات المنطقة قد انتهجت موقفاً أقل تدخلاً إزاء الإنترنت ـ رغم أنها تفرض قوانين تقيد وسائل التعبير الأخرى ـ مما أوجد بعض المفارقات الظاهرية في مصر والأردن، حيث أصبحت الصحف أو المقالات التي منعتها الرقابة تأخذ طريقها بسرعة إلى شبكة الإنترنت، وبات بوسع مستخدميها الاطلاع عليها وإرسالها إلى غيرهم من دون أن تكون لذلك أي عواقب· ولم تتخذ الجزائر والمغرب والسلطة الفلسطينية أي إجراءات تُذكر لفرض رقابة على محتويات الاتصالات عبر الإنترنت، مما جعل في متناول المستخدمين ثروة هائلة من المعلومات السياسية والمعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان مما لا تستطيع الصحف أو وسائل الإعلام المحلية نشره·
وفي ختام التقرير وضعت منظمة حقوق الإنسان مجموعة من التوصيات اعتمدتها هيئة من خبراء الإنترنت (أنقلها بإيجاز)، وهي تكفل حماية الحق في حرية التعبير عبر شبكة الإنترنت، وتتطلب إيجاد بيئة تكفل حماية حرية التعبير بوجه أعم· فالقيود التي تعاني منها شبكة الإنترنت في كثير من البلدان لا تنبع من اللوائح التي تنظم استخدامها بقدر ما هي نابعة من قوانين الصحافة والنشر والقوانين الخاصة بالتشهير، والمحاذير غير الرسمية السابقة على دخول الشبكة إلى المنطقة· ويشمل الحق في حرية التعبير الحق في الاتصال المباشر عبر شبكة الإنترنت، والحق في طلب المعلومات وتلقيها وتداولها عبر الشبكة دون قيود تعسفية، والحق في التخاطب مع الغير عبر الشبكة من سواء بصورة سرية أم بدون الكشف عن الأسماء· وحمايةً لهذه الحقوق وتعزيزاً لها، يتعين على الحكومات الالتزام بالمبادئ الآتية في سياساتها إزاء الإنترنت، ومنها:
1 - ضمان الحق الدولي في حرية التعبير بوجه عام، وضمان انسجام جميع اللوائح الخاصة بتنظيم الاتصالات الإلكترونية مع هذا الحق·
ويشمل هذا البند جميع القوانين والسياسات والممارسات، بما في ذلك ما يخص الإنترنت منها، مع الحق في حرية التعبير باعتباره من الحقوق المعترف بها عالمياً· "فالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صدقت عليه جميع بلدان المنطقة، فيما عدا خمسة منها، يضمن لكل إنسان الحق "في حرية التعبير، ويشمل ذلك الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأي وسيلة أخرى يختارها"· وفي كثير من بلدان المنطقة قوانين للصحافة وقوانين للعقوبات تتسبب في انتهاك الحق في حرية التعبير بصور شتى، ولعلنا نلاحظ المفارقة الواضحة في قانون المطبوعات البحريني الذي صدر مؤخراً، وحجم التجاوزات غير القانونية التي تضمنتها مسودتها النهائية·
2 - اعتبار حرية الدخول على شبكة الإنترنت لتلقي المعلومات وتداولها جزءًا لا يتجزأ من الحق في حرية التعبير·
ينبغي أن تتخذ الحكومات التدابير المناسبة لتيسير سبل الانتفاع بوسائل الاتصال الإلكترونية أمام مواطنيها ووضعها في متناولهم جميعاً من دون أي تمييز· فقد يحدث أن تتدخل بعض الحكومات بفرض قوانين تعسفية تحدّ من انتشار الإنترنت واستعمالها في الأغراض المسموح بها، أو تقوم باحتكار الخدمة وفرض رسوم مادية مرتفعة مقارنة بالوضع المادي لعام لأغلبية المواطنين·
3 - وضع آليات الرقابة، إن وجدت، في يد مستخدمي الشبكة وليس الحكومات·
يجب أن تقع على عاتق المستخدمين النهائيين للإنترنت وحدهم مسؤولية تحديد ما يرغبون في حجبه أو غربلته من المواد التي يستقبلونها هم أو من يعولونهم من الصغار عبر الإنترنت، واختيار الوسائل التي تحقق ذلك· واستخدام آلية ما لغربلة ما يستقبلونه هم وصغارهم الذين يكفلونهم من مواد الإنترنت أو لمنع هذه المواد وعن تحديد نوع الوسيلة اللازمة لغربلتها أو منعها· وينبغي على الحكومات إلغاء أو تجنب أي لوائح تخول الجهات الرسمية سلطة منع استقبال المواد المبثوثة على شبكة الإنترنت·
وتُعدُّ حكومات تونس والبحرين وإيران والإمارات العربية المتحدة من بين الحكومات التي تمنع ارتياد مواقع معينة تعالج أموراً تتعلق بالسياسة وحقوق الإنسان، ومن ثم تمنع مستخدمي الشبكة في بلدانها من الانتفاع بها· وهذا اللون من الرقابة ينتهك حقوق الأفراد في تلقي وتداول المعلومات، ويجب وقفه على الفور·
4 - يجب عدم تحميل ناقلي البيانات، مثل الشركات التي تقدم خدمات الإنترنت، المسؤولية عن محتوى مواد الشبكة بوجه عام·
إن القوانين التي تحدد المسؤولية عن المواد المبثوثة عبر شبكة الإنترنت يجب أن تستهدف "مصدر" المادة (مؤلفها مثلاً) وليس "ناقلها" أو "موصلها" (مثل مقدمي خدمات الإنترنت أو أصحاب أجهزة الكمبيوتر التي بثت من خلالها هذه المواد)· وتفرض هذه القوانين التي تستهدف الشركات المقدمة لخدمات الإنترنت عبئاً ثقيلاً، إن لم يكن مستحيلاً من الناحية الفنية، على ناقل البيانات، وهو عبء يتعارض مع واجب الدولة في حماية الحق في حرية التعبير عبر الإنترنت·
5 - السماح للأفراد باستخدام نظم التشفير القوية·
ينبغي أن يتاح للأفراد إرسال واستقبال رسائل مرمزة أو مشفرة؛ ويجب ألا يجبروا على الحصول على إذن خاص بذلك، وألا يرغموا على إطلاع طرف ثالث على "مفاتيح" الشفرات أو غير ذلك من الآليات التي تسمح بفك شفرات الرسائل· ومن بين البلدان التي تحظر حالياً التشفير بدون تصريح رسمي إسرائيل وتونس والمملكة العربية السعودية·
6 - ينبغي على الرقابة الحكومية على الاتصالات الإلكترونية ألا تخل على نحو مفرط بحق المرء في أن تحترم خصوصياته، أو بغير ذلك من الحقوق المدنية؛ وينبغي إخضاع هذه الرقابة للإجراءات القانونية الصحيحة ولرقابة القضاء·
ومن بين المسوغات التي تُساق ضد فرض أي ضوابط على تشفير الرسائل أن الحكومات تمتلك أدوات فعالة أخرى لتنفيذ القانون مما يجعلها في غنىً عن هذا الإجراء، مثل فرض الرقابة والتفتيش والضبط· ولكن يتعين مع هذا أن تستخدم هذه الأدوات دائماً على نحو يتماشى مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان، ووفق الإجراءات القانونية الصحيحة، ومنها بخاصة ما يلي: - أن تتمشى إجراءات الرقابة على المنتديات الإلكترونية العامة مع المعايير الدولية التي تحمي الحق في تكوين الجمعيات والانضمام إليها والحق في ممارسة الأنشطة السياسية؛ وينبغي إعلان مثل هذه المبادئ التوجيهية·
- ألا تخضع السلطات الحكومية اتصالات مستخدمي الإنترنت للرقابة لأغراض التحقيق المدني أو الجنائي، أو بغرض جمع معلومات عن الطريقة التي يستخدمون بها الإنترنت، إلا بموجب إجراءات قضائية وتحت إشراف قضائي تمشياً مع المبادئ المعترف بها دولياً بشأن احترام خصوصيات الفرد·
- أن تراعي السلطات الحكومية في عمليات تفتيش أو حجز الرسائل الإلكترونية ضرورة الالتزام بالإجراءات القانونية الصحيحة التي تشترط وجود أدلة كافية على أن المستخدم يمارس نشاطاً غير مشروع لتبرير تفتيش اتصالاته؛ ويجب أن تخضع جميع عمليات التفتيش هذه لرقابة قضائية· وأن يُراعى في أي تفتيش من هذا النوع ضيق النطاق ومحدودية الأثر·
7 - أن يكون من حق الإفراد إرسال واستقبال المعلومات دون الكشف عن أسمائهم·
فلا ينبغي للوائح التنظيمية أن تلزم الأشخاص، دون وجود أسباب معقولة، بتحديد هويتهم عند استعمال الإنترنت أو تبادل المعلومات والآراء عبر الشبكة· وينبغي لمقدمي خدمات الإنترنت، حيثما يتسنَّى ذلك عملياً، أن يحفظوا حق مستخدمي الشبكة في عدم ذكر أسمائهم عند استعمالها· بيد أن التشريعات التونسية تلزم مقدمي خدمات الإنترنت بتقديم كشوف بأسماء عملائهم على الحكومة كل شهر؛ ومثل هذا الإلزام، بحكم طبيعته الشاملة، يمثل انتهاكاً لحق المرء في البحث عن المعلومات والأفكار وتلقيها وتقديمها دون الكشف عن اسمه·
تلك بإيجاز أهم التوصيات التي اعتمدتها هيئة من خبراء الإنترنت بمنظمة حقوق الإنسان، كمبادئ عامة لضمان الحق في ممارسة حرية التعبير، وإلغاء كل القيود الأمنية واللوائح - غير القانونية - التي تعيق مهمة تشريع سياسات جديدة تتناسب مع طبيعة المتغيرات السياسية الإقليمية والعالمية·
إننا كمواطنين نعيّ أهمية الالتزام بالضوابط الأخلاقية والقانونية التي تحكم أفعالنا وأقوالنا وحركتنا في الحياة، وتلزمنا باحترام الرأي الآخر في نطاق وعينا بهويتنا الأخلاقية وعقيدتنا الدينية التي تعارف عليها مجتمعنا العربي المسلم، ولن نفرط أبداً أو نساوم على حريتنا وحقوقنا.
 

10‏/11‏/2002

الانقلاب الخطير على الدستور

10 نوفمبر 2002

10‏/09‏/2002

موجز تاريخ الشعائر الحسينية في البحرين

10 سبتمبر 2002

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):

مجلة النبأ- ملف عاشوراء- 1423هـ- 2002م.

 


عندما نقلب صفحات التاريخ الداميّ، يتضح لنا الدور الذي قامت به السلطات الحاكمة في محاربة الشعائر الدينية ومحاولة كبت انفعال الجماهير وحماسها الكبير. ومن خلال هذه الورقة سنستعرض بإيجاز تاريخ الشعائر الحسينية في البحرين، وسوف تنكشف لنا العديد من الحقائق والمعلومات الهامة.

كان أهل البحرين من السباقين إلى احتضان الدعوة الإسلامية منذ العهد الرسالي الأول، حينما كانت الوفود البحرانية تتابع إلى المدينة المنورة مُعلنة ولاءها الخالص للإسلام كدين ومنهج حياة. إن موالاة البحرانيين لآل البيت(ع) كانت له جذوره العميقة في تاريخهم الإسلامي، المتمثل في الذود عن الحق وأهله، وطاعتهم الخالصة لأمير المؤمنين علي(ع)، ومواجهتهم لأعدائه، واستشهادهم تحت لوائه، ونصرتهم لأبي الأحرار الإمام الحسين(ع) في كربلاء. والخلاصة.. أن شيعة البحرين (وهم الغالبية) عرباً اقحاحاً، عروبتهم قديمة قدم البحرين، وتشيَّعهم قديم قدم التشيَّع.

ولقد عرفت البحرين المجالس الحسينية منذ عدة قرون، حيث عُرف عن أهالي البحرين (سنةٍ وشيعة) حبهم لآل البيت، والاحتفال بذكراهم. ولكن البلاد لم تعرف المآتم كمؤسسة مستقلة عن البيت والمسجد والدولة إلا من خلال إشراف الأوقاف. وكانت أول حسينية أُسست في البحرين سنة 104هـ، وقيل أنها لبني تميم من عقب زيد مناة، أو أنها لذرية (الجارود) من قوم عبد القيس الذين وفدوا على الرسول(ص) يعلنون إسلام أهل البحرين.

والحمد لله كثيراً حين أصدرت الدولة قديماً قانوناً تُعطل فيه الدوائر الرسمية يوم التاسع والعاشر من محرم، فتُقفل الأسواق، ويتوقف الجميع عن العمل حداداً على مقتل السبط الشهيد. والفضل في ذلك يعود إلى العلماء والعقلاء من الطرفين. ولكن الذي لا تُحمد عقباه هو حينما تقوم الدولة بإخضاع الشعائر الدينية ومؤسساتها لرقابة مشددة، تُعبئ فيها قوات الأمن المسلحة في حالة استنفار وفزع، وتُخضع العاصمة (المنامة) لحصار مناطقي مُشدد، تنتهي غالباً بحملة اعتقالات واسعة..!!

وحينما تمارس الطائفة الشيعية بقية شعائرها التقليدية بتصريحات حكومية، فإنها تقابل العديد من الطلبات المُقدمة بالتجاهل، وقد يواجه المطالبون بالإهانة أو الاعتقال في بعض الأحوال. هذا علماً بأن نسبة الشيعة (وهم الغالبية السكانية لا تقل عن 80 %) وهم -أيّ الشيعة- حينما يتبعون تفاصيل دينهم عن طريق المراجع، لا يهم إن كان إيرانياً أو عراقياً، فالإسلام دين وليس قومية عنصرية أو إرادة حزبية ضيّقة (إن أكرمكم عند الله أتقاكم).

أن هذه الحسينيات والمآتم هي إحدى المعالم الحضارية الراقية لهذا الشعب، فقد لعبت دوراً بارزاً في نمو الحركة الوطنية (فكرياً وثقافياً)، وهذا يرجع لسببين رئيسيين، الأول: الطابع الأيدلوجي الذي اتسمت به، والجذور التراثية التي ارتبطت بها. والثاني: الحالة الجماهيرية (الشعبية) التي عاشتها هذه المؤسسات، مما أتاح لها القفز فوق الأطر النخبويّة وتحقيق (ثقافة الجماهير). وهذه العملية ليست بالسهلة والميسورة جداً، وهي معضلة ما برحت تواجه المثقف العربي والحركة الثقافية بالوطن العربي بوجه عام. فرسالة المآتم والحسينيات تقوم على بث الثقافة الدينية والإرشاد التربوي، وتركيز القضايا المسلكية في حياة الإنسان.


 
أننا نحييّ (خطباء المنبر الحسيني) الذي لعبوا دوراً في إشاعة التنوير السياسي، وحث الإنسان على المطالبة بحقوقه وحرياته الأساسية. وندعو جميع النوادي والجمعيات والمؤسسات الثقافية بنهج هذا الدرب الوطني المشرف وحمل الرسالة الحسينية الخالدة.
وفي بعض المراحل التاريخية والظروف السياسية لعبت المآتم الحسينية دوراً جلياً في حث الإنسان على المطالبة بحقوقه الشرعية وحرياته الأساسية، كما شاركت في العمل الوطني من خلال أدائها لرسالتها الإسلامية، فقد شهد مأتم بن خميس بالسنابس مثلاً، تشكيل أول وأكبر تنظيم جماهيري عرفته البلاد في تاريخها المعاصر عام 1954م، وهو ما عُرف باسم (الهيئة الوطنية العليا) الذي وضع تحت قيادة أربعة من علماء الدين، بالإضافة إلى آخرين من عناصر المعارضة، وذلك في بداية تشكيل البرلمان وتأسيس الحياة الدستورية.
آما بالنسبة لمسألة التعرض للمواكب الحسينية، والإعتداء الصارخ على حرمة المآتم.. فهذه مسألة قديمة قدم تاريخ البحرين، الذي شهد أحداثاً دامية ومآسي عديدة. فعلى سبيل المثال، عندما خرجت المسيرة الحسينية التقليدية في العاصمة (المنامة)، والذي تخللها صدام طائفي في المحرق تحول للمحاكم عام 1953م.
وكذلك المشاجرة التي حصلت في (15يونيو1954) أمام مصنع تكرير النفط، والذي تحولت لصدام واسع قُتل بسببه أحد المشاركين في الشجار، وقد أصدرت المحكمة أحكاماً قاسية ضد الشيعة بالخصوص مما اعتبروه موجهاً ضدهم. وفي اليوم التالي قام الشيعة بتظاهرة كبيرة، وحاصروا القلعة (مركز قيادة الشرطة) محاولين تخليص المحكومين، وقد تصدت لهم الشرطة وأطلقت عليهم النار فسقط 4 قتلى وعدد من الجرحى، وقد تسبب ذلك في تصاعد الغضب الشديد لدى الشيعة، حيث طافوا بقتلاهم وسط السوق التجاري الذي أُغلق الأبواب في إضراب عام شمل الأسواق ومرافق النفط لمدة أسبوع، ولم ينته الإضراب إلا بعد أن وعدت الحكومة بتشكيل لجنة تحقق في الأسباب التي أدت لإطلاق النار ومعاقبة المتسببين لذلك !!
هذا والتاريخ يعيد نفسه من جديد.. بعد أن تجددت حركة المعارضة الشعبية، والمُطالبة بإصلاحات سياسية. تخللتها أعمال عنف وقتل وإرهاب للناس من خلال الهجوم الليلي على المنازل، وهتك حرمة المساجد والاعتداء على المواكب الحسينية وغلق بعض المآتم، وسجن العاملين في الإدارة والموكب..!!
وما زالت الذاكرة تسجل لنا هذه الحادثة المؤرخة والبادرة القمعية الشديدة الخطورة، حين أقدم عدد من العناصر القبلية الحليفة للنظام الحاكم، يتزعمها (دعيج بن حمد آل خليفة) نائب الشرطة سابقاً.. بإطلاق النار بصورة عشوائية على مسيرة دينية كبيرة، مما أدى إلى جرح العشرات من المواطنين الأبرياء، وذلك في موسم محرم 1953م، وقد ذهبت بعض المصادر للقول بأن عدد هؤلاء الجرحى قد توفى مُتأثراً بجراحه بعد أيام من الحادث "الأمر الذي لم تؤكده جهات مستقلة". وقد أولد الحادث حالة من الغضب والحنق الشديدين ضد النظام الحاكم وحلفائه، لأنه يمثل انتهاكاً صارخاً لدماء المواطنين العزل، وإهانة لمقدساتهم الدينية في آن واحد. وقد أخذ المواطنون جرحاهم وساروا بهم في المساجد والشوارع مؤججين بذلك حالة الشجب والاستنكار لهذا الحادث المروعّ (للمزيد: راجع تاريخ البحرين السياسي والوطني لحسن موسى ومحمد الرميحي).
وكل هذه الأحداث التاريخية الدامية هي بمثابة جرس إنذار لكل الحاكمين باسم الأمة، ونتيجة طبيعية لسياسة تضييق الحصار على ممارسة الحرية الدينية، والتي دفعت ببعض الأنظمة الحاكمة إلى التعرض لأماكن العبادة والشعائر المقدسة، واللجوء للحل الأمني لمعالجة الوضع السياسي المترديّ، أو تحريفها لمسار ديني طائفي مقيّت.
اللهم أرحم شهدائنا الأبرار، وفك قيد أسرانا الأحرار، وأرجع مبعدينا الأخيار، وأنصرنا على عدوك وعدونا، أنك حميد مجيد. والسلام على الأولين والآخرين منهم، وسلامٌ على شيعتهم ومحبيهم الموالين.
والحمد لله رب العالمين.

20‏/07‏/2002

يوم الشهيد في البحرين.. أبعاد ودلالات الحدث

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):

الوكالة الشيعية للأنباء- 20/7/2002م.


مرت علينا الذكرى الأولى ليوم الشهيد وسط تطورات سياسية واجتماعية هامة تشهدها الساحة البحرينية، وقد تسنى لي المشاركة في فعاليات الاحتفال المركزي الأول، والذي أقيم بجامع الإمام الصادق (ع) بمنطقة القفول، انطلاقاً من اعتبار الخامس من يوليو من كل عام هو محطة تاريخية من حق الشعب البحريني الاحتفاء بها. وتأتي ذكرى يوم الشهيد في إطار الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة التعذيب، وذكرى سقوط أول شهيد داخل المعتقل السياسي خلال سنوات الانتفاضة الشعبية في البحرين، وكتعبير حيّ عن النسيج الاجتماعي والتنوع السياسي الرافض لكل محاولات استغلال الذكرى كورقة سياسية.

· أجواء الذكرى والمحنة الأليمة:
خلال أجواء الاحتفال طافت بنا الذكرى على سنوات الانتفاضة الشعبية، لنتذكر صور النضال السياسي والاجتماعي لجميع شهداء الوطن الذين صنعوا بدمائهم حريتنا واستقلالنا. وبدت أجواء الاحتفال العام كأنها تظاهرة شعبية سلمية توحدت فيها كافة الطوائف الدينية والتيارات السياسية، والتي تتفق على أهمية استغلال المناسبة بالشكل الحضاري الذي يعكس مبدأ الإخلاص والوفاء لشهدائنا الأبرار بعد سنين المعاناة والتضحية، وطوال مسيرة الجهاد السياسي والنضال الاجتماعي. وصدق تعالى القائل: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون)

وتأتي الذكرى الأولى ليوم الشهيد في الوقت الذي تعيش فيه البحرين اليوم، مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، وبناء المجتمع المدني بما يعني ذلك تنوع الأدوار وأساليب العمل الإسلامي. وأننا -كشباب- نؤمن بقناعة تامة أن ما حصل من تطورات سياسية وتاريخية، إنما جاء نتيجة تضحيات الشهداء وجهود أبناء الوطن المخلصين (في الداخل والخارج). فكل هذه الإنجازات إنما هي استجابة إلهية لدعاء المظلومين ودماء الشهداء ومعاناة السجناء ودموع الأمهات وصبر الآباء وتضحيات أبناء الوطن المخلصين. وهي نتاج طبيعي لصراع متواصل من أجل الحياة الكريمة العادلة، وهو أمر يستوجب الشكر لدوام التوفيق وبقاء النعم. فالحمد والشكر لله تعالى على ما منحنا من نعمه وإحسانه، وتحية صادقة لكل إنسان مخلص أحب دينه ووطنه ورسالته.

· تجربة شبابية ناجحة:
وقد جاء الاحتفال كخلاصة لجهود شباب مخلص أحب دينه ووطنه، فقد سبق أن تحرك هؤلاء الشباب بحماس لإحياء مناسبة (يوم الشهيد) لتكريم عوائل الشهداء الذين قدموا حياتهم ودمائهم من أجل الوطن، وتلبية لواجبهم الشرعي، ولكن لظروف موضوعية وسياسية تأجل الاحتفال أكثر من مرة. وبعد مرور عام كامل حدثت معطيات سياسية واجتماعية جديدة (مناسبة اليوم العالمي لمناهضة التعذيب، وذكرى سقوط الشهيد سعيد الإسكافي كأول شهيد سقط داخل المعتقل خلال فترة الانتفاضة الشعبية) مما دعا -اللجنة المنظمة- أن تقرر إقامة الاحتفال بالشكل المستقل عن جميع الضغوط السياسية، وأن يحظى برعاية رجال الفكر والسياسة، بصورة تشمل جميع الأطياف السياسية والدينية.

لذلك قد لا نتفق على رأي من يرى بإمكانية "تسييس ملف الشهيد"، فلا نريد التضحية بملف الشهداء.. كملف سياسي (تفتحه المعارضة عندما تتلكأ الحكومة في تنفيذ بعض المطالب)!! بل يجب النظر في الموضوع من جوانبه الإنسانية، ودراسة الظروف الموضوعية، وأن يكون في الزمان والمكان المناسب. فملف (الشهيد والشهادة) هي مسألة تاريخية وأمانة إنسانية وطنية، ومن الواجب إحياؤها بالأساليب المتحضرة، لتبقى جذوتها باقية ومشتعلة في النفوس. فالجميع يتفق على أهمية المناسبة وضرورة استغلاله بالشكل الحضاري الذي يكرس وعي الأمة اتجاه مطالبها الشرعية وحرياتها الأساسية.

· الشهيد الحيّ.. ومحاسبة الجلاد:
لا شك بأن جميع قوى المعارضة السياسية تدرك بأنها بصدد مرحلة جديدة من العمل السياسي بعد سلسلة من الاخفاقات على الصعيد السياسي والاجتماعي، الأمر الذي يتطلب تعاطي العمل السياسي بأساليب جديدة وتفعيل أدوات المشاركة في صنع القرار الشعبي. ومن متطلبات هذه المرحلة وجوب التخلق بأخلاق الله تعالى، والتمسك بأخلاق وعادات شعبنا المسلم، والعمل على تحقيق العدل الاجتماعي والسياسي.

ومن قبيل الإنصاف أن يكون هناك إصرار على محاسبة المخطئ؛ لأن طيّ صفحات الماضي ونسيان الجروح لن يكون مقبولاً على حساب أية مساومة سياسية. ولن يكون أمراً سهلاً ما دامت عوائل الشهداء -حتى الآن- تبكي أحبابها في كل مناسبة فرح أو حزن، ولن يكون سهلاً ما لم يتم تعويض كل متضرر في بدنه ونفسه وروحه.. فهذه الدماء التي أزهقت من أجل حريتكم وحياتكم.. هذه التضحيات أهون على الله من كل هذه الأمور. فصوتكم وقراركم سيكون بمثابة حياتكم وحريتكم المرهونة بدماء الشهداء وتضحيات أبناء الوطن المخلصين.

ومن جانب آخر.. أود أن أنقل لكم مشاعر بعض الآباء والأمهات من (عوائل الشهداء).. الذين يعتقدون (في لحظة من اللحظات المؤلمة للنفس الإنسانية) أن الناس قد تناستهم في مرحلة مشروع الميثاق!! كما ألفت نظركم إلى حجم المعاناة الاجتماعية والنفسية لهذه العوائل، مما يتطلب تخصيص لجنة أهلية لدراسة أحوالهم الاقتصادية، ورفع التوصيات للجهات المسؤولة. لذلك أتمنى من جميع المواطنين بمختلف أطيافهم السياسية والدينية عدم التضحية بهذا الملف الخطير، لأنه أمانة وطنية بد من الحفاظ عليه، وواجب شرعي لتكريس حقوقنا وحرياتنا.

ولذلك ندعو الجمعيات السياسية والحقوقية لدراسة الآثار النفسية والفكرية في مرحلة (قانون أمن الدولة)، والتي تركت بصماتها واضحة على عقل الطفل والشاب والشيخ. ومحاولة معرفة أسباب الأزمة وطرق علاجها وتفادي ردود الفعل المستقبلية. لذلك فإن المعارضة السياسية والجمعيات الأهلية مطالبة بالحفاظ على أصالتها السياسية والفكرية، وعدم غلق ملف حقوق الإنسان، والسعي لرسم رؤية مستقبلية لمناطق اللقاء والصراع، وتشكيل جبهة مصالحة وطنية للحفاظ على بقاءها في الساحة السياسية وضمان وجودها الشعبي.

· كلمة أخيرة:
سوف يأتي يوم لا بد منه لنتحمل مسئوليتنا الشرعية من منطلق إيماننا بالله تعالى وبواجبنا اتجاه الأمة بكل أفرادها، فنحن اليوم أحوج ما نحتاج لوحدة الموقف ووحدة الكلمة، تعبيراً عن صدق نوايانا اتجاه قضايانا ومبادئنا، وإخلاصاً لطريق مهده الشهداء بدمائهم وتضحيات جسدها أبناء الوطن المخلصين.

فتحية صادقة لكل أبناء الوطن المخلصين، وتحية خالصة لجميع شهدائنا الأبرار، ولكل إنسان ضحى من أجل دينه ووطنه. ونسأله تعالى أن يوحد صفوفنا ويفرق عدونا، وأن ينصرنا -آجلاً أم عاجلاً- على من ظلمنا. وأن يثبتنا في مواقع البلاء، ويصبرنا لما هو خيرٌ لعاقبة الأمور. وأن يجعلنا من أنصار الإمام الحجة (عجل الله فرجه) ومن أخلص أصحابه وخدمه، أنه سميعٌ مجيب، والحمد لله رب العالمين.
 
http://www.ebaa.net/wjhat-nadar/002/052.htm

04‏/07‏/2002

أحمد رضي 2- البحرين، يوم الشهيد 2002

من فقرات الاحتفال المركزي الأول لذكرى يوم الشهيد، كأول مناسبة تاريخية وطنية،
وأقيم يوم الخميس (ليلة الجمعة) الموافق 4/7/2002م بجامع الإمام الصادق (ع) بالقفول، البحرين.

أحمد رضي 1- البحرين، يوم الشهيد 2002

من فقرات الاحتفال المركزي الأول لذكرى يوم الشهيد، كأول مناسبة تاريخية وطنية،
وأقيم يوم الخميس (ليلة الجمعة) الموافق 4/7/2002م بجامع الإمام الصادق (ع) بالقفول، البحرين.

15‏/05‏/2002

نحو مقاطعة تجارية وتقنية شاملة

15 مايو 2002

أول شركة بحرينية لتقنية المعلومات
تساهم في حملة مقاطعة المنتجات الأميريكية


في بادرة هي الأولى من نوعها في البحرين بل في منطقة الخليج، تقوم شركة تقنية بقطع علاقتها مع الوكيل الرئيسي لها، وتتوقف عن تسويق منتجاتها التقنية وبضائعها المحلية، وتمتنع عن تمثيل الشركات الأمريكية تجاوباً مع حملة المقاطعة الشعبية للمنتجات الأمريكية بكل أنواعها. حيث قامت الشركة البحرينية مؤسسة تطوير الأداء البشري (HPI) المتخصصة في تطوير وتدريب الموارد البشرية، وفرعها (مصادر تقنية المعلومات) المتخصصة في حلول تقنية المعلومات بقطع علاقاتها مع كل الشركات الأمريكية التي تمثلها تجارياً في السوق المحلية، وإعادة رسم استراتيجية جديدة تقضي بتفعيل دور المقاطعة الشعبية للمنتجات والبضائع الأمريكية، واعطائها أبعاد أوسع بما فيها مقاطعة المنتجات الخاصة بقطاع تقنية المعلومات والبرامج الإلكترونية.

حيث أعلنت مؤسسة تطوير الأداء البشري (HPI) في مؤتمر صحفي عقد بجمعية المهندسين البحرينية مؤخراً، عن قرارها الحاسم بقطع علاقتها مع الشركات الأميريكية وهي: “أكباك”، و”سمارت فورس”، و”الماستري”. ومقاطعة جميع منتجاتها التقنية وبرامج مورديها وشركاءها، والاعتماد على استراتيجية وطنية عربية كبديل عن التقنية الغربية المستوردة. هذا للعلم بأن شركة أكباك (Accpac) الأميريكية من أكثر شركات تقنية المعلومات تقدماً في برامجها المالية والمحاسبية والإدارية.

قيمنا العربية قبل مصالحنا التجارية
وفي رسالة بعثتها إدارة الشركة البحرينية بتاريخ 23 أبريل 2002م إلى وكيلها الرئيسي بدبي شركة أكباك الأميريكية جاء فيها: إنه من سوء الحظ أن تكون شركة أكباك انترناشنال أمريكية الجنسية، الأمر الذي لا يترك لنا أي خيار سوى الوصول إلى هذا القرار، وذلك بغض النظر عن علاقتنا المميزة مع فريق العمل، النجاح والربحية المادية لكلا الطرفين، واهتمامنا باتصال العلاقة التجارية خاصّة نتيجة المعرفة والخبرة التي اكتسبناها طوال السّنوات في تّسويق ودعم منتجات الأكباك. ففي الأسابيع القليلة الماضية، كانت هناك اجتماعات مع المدراء والموظفين لمناقشة البدائل وتقييم عواقب مثل هذا القرار، إلا أننا خلال تلك الاجتماعات كنا نتفق دوما على أمر واحد وهو أن قيمنا وأخلاقياتنا تأتي في المقام الأول بغض النظر عن أية عوامل أخرى. لقد تم اتخاذ القرار بإنهاء أي علاقة مع أي شركة أمريكية في كلا من مؤسستينا: HPI (أنظمة مايندوير) و ITR.

أمريكا ودعمها الأعمى للكيان الصهيوني
وذكرت الرسالة أن الشركة كانت تقيّم أسلوب معالجة الولايات المتّحدة الأمريكيّة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، الذي عبّر عن استراتيجيّة أمريكا الجديدة. ومنذ ذلك الوقت كانت الشركة تبحث - مثل كل العرب والمسلمين- عن دليل واحد أنّ أمريكا تتولّى قضيّة فلسطين (قضية العرب والمسلمين) بمنطقيّة واتزان وأنها تتّعامل مع أمتنا ببعض الاحترام، إلا أن كلّ الرّسائل الواضحة التي مازلنا تتلقاها من الولايات المتّحدة الأمريكيّة تُثبت العكس تماما. لذلك أدركت المؤسسة كراهيتها لسياسة أمريكا منذ أمد طويل، لكنّ مواقف الولايات المتّحدة الأمريكيّة الأخيرة فيّ الشرق الأوسط ودعمها الأعمى للإرهابيين في إسرائيل، وفي نفس الوقت وصفها وتعاملها مع الأبطال في فلسطين ولبنان -الذين يدافعون عن أراضيهم ويطالبون بابسط حقوق الأنسان- قد تجاوز كل الحدود في نظرها.

المطلوب مقاطعة شعبية شاملة
وأضافت الشركة بأننا إذ نعمل اليوم على تنشيط المقاطعة في كلّ الاتّجاهات، فأننا نعدّ أنفسنا لحرب طّويلة الأمد نحاول من خلالها تصحيح الرؤى والمواقف غير العادلة وغير المتزنة -بختم أمريكي- والتي سممت هواء الأرض التي نعيش عليها. ونحن نؤمن بأن الشّعب الأمريكيّ محتاج لأن يسمع صوتنا, وذلك لكي يوقف حكومته عن أعمالها الغبيّة. ونعتقد أن إجابة سؤال كرهنا لأمريكا ستكون منطقية ومفهومة إذا سمح للشعب الأمريكي بالاستماع إلينا. وأكدت الرسالة بأن المقاطعة هي احدى الطرق التي نعتمدها لايصال هذه الرسالة إليهم. ونحن لا نعمل بالمقاطعة لهذا السبب فقط بل لأننا نعتقد أيضًا أن مواقفنا هذه - في كلّ الاتّجاهات- يجب أن تستهدف غرور الولايات المتّحدة الأمريكيّة في اعتقادها بأنها قوة لا تقهر وأن لا أحد في هذا العالم يمكنه أن يقول لها (لا). فنحن لسنا إلا شركة صغيرة في بلد من أصغر بلاد العالم ومع هذا بامكاننا أن نقول (لا) كبيرة لكل شيء أمريكي, بصرف النّظر عن أيّ أثر مؤقّت أو خسارة ماليّة قد تحدث في المرحلة الأولية. نحن ندرك التحدي في قولنا (لا) ونؤمن أنه بامكاننا النجاة بل وعمل الأفضل بعدها وهذا ما علينا اثباته في المستقبل القريب.

نحو استراتيجية وطنية مستقلة
وفي بيان أصدرته المؤسسة خلال المؤتمر الصحفي وجهت رسالة إلى المجتمع العربي والإسلامي أنه آن الآوان في أن تتخلص الشعوب من استلاب إرادة المواجهة للتحديات الكبرى والتفكير الجديّ في الاستقلال الاقتصادي والتحرر التقني. وأنه لا بد من تغيير استراتيجية العمل والسعيّ لاستقطاب الكفاءات الوطنية خاصةٍ في مجال تقنية المعلومات. وأكدت المؤسسة أنه مع إقدامها على هذه الخطوة فإنها لا ترضى بالتأثير السلبي على الاقتصاد الوطني وعملائها المحليين، ولذلك فإنها ستواصل دعمها لعملائها وستسعى لتقديم خيارات تقنية وطنية أفضل، وأنها مؤمنة بأن نجاح قرار المقاطعة مرتبط في تقديم هذا البديل.

ولنا كلمة أخيرة
المتأمل في واقعنا السياسي والاجتماعي يلاحظ بأن الساحة العربية والعالمية تعيش أوضاع خطيرة في ظل تصاعد الأعمال الوحشية الإسرائيلية في فلسطين، بسبب الإرهاب الصهيوني المدعوم من قبل الإدارة الأميريكية. وبالتالي فإن موقفنا كعرب وواجبنا كمسلمين يتطلب منّا قطع العلاقات التجارية بكل أشكالها مع الولايات المتحدة الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب، ودعم كفاح أشقائنا الفلسطينين بكل الطرق الممكنة في سبيل تحرير الأرض والكرامة العربية. ونحن كعرب ومسلمين نقف صفاً واحداً مع أشقائنا المجاهدين في فلسطين المحتلة، ونساهم بدورنا في حملة المقاطعة الشعبية كخطوة للضغط على أمريكا لمواقفها المنحازة للكيان الصهيوني. وأن واجبنا الشرعي والوطني يتطلب منّا المشاركة في كافة الخطوات التي تساهم في وقف هذا التصعيد الحاد للعدوان الصهيوني الجاري اليوم على الشعب الفلسطيني، كما أننا ندعم مواقف جميع الجمعيات السياسية واللجان الأهلية والمؤسسات التجارية التي وقفت بشجاعة مع قرار المقاطعة الشاملة للبضائع والمنتجات الأمريكية، ومحاولة الاعتماد على البدائل الأخرى.

أن الخطوة الكبيرة التي قامت بها الشركة البحرينية تطوير الأداء البشري (HPI) هي خطوة كبيرة يشاد بها على مستوى المنطقة الخليجية والعربية، وهي دعوة مفتوحة لجميع الشركات التجارية والمؤسسات التقنية إلى قطع جميع علاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع الولايات المتحدة لدعمها السافر للعدو الصهيوني المحتل، ومقاطعة الشركات التي تقوم بالتعامل الاقتصادي مع الصهاينة.

10‏/04‏/2002

مغنية يزور البحرين

10 أبريل 2002

01‏/04‏/2002

الموكب الحسيني.. تاريخه وأهدافه

1 أبريل 2002

10‏/02‏/2002

في رحاب المدرسة العلوية

10 فبراير 2002

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
ونحن نعيش الأيام (العشر الأواخر) من شهر رمضان الكريم، وهو شهر القرآن الكريم والعبادة والعرفان وليلة القدر العظيمة. وهو فرصة كبيرة لجميع الناس للعزم على التكامل الأخلاقي والارتقاء بفكرهم وأرواحهم، وتصحيح حركة المجتمع الإسلامي على ضوء المتغيرات المعاصرة. وكذلك شهر يقوم فيه الإنسان بمراجعة مواقفه السابقة وتصحيح مسار حياته وتقويم سلوكه وأخلاقه، وصولاً إلى فهم قوانين الحياة والسنن الكونية (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق) (سورة العنكبوت، الآية 20).

وقد عشنا في غمرة الشهر الكريم ذكرى لمأساة فجع بها المسلمين منذ أكثر من أربعة عشر قرناً عندما استشهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في محراب الصلاة، وصرخ صرخته التي خلدها التاريخ (فزت ورب الكعبة). وفي مناجاته عليه السلام أنه قال: "إلهي كفى بي عزا أن أكون لك عبدا, و كفى بي فخرا أن تكون لي ربا أنت كما أحب فاجعلني كما تحب".. فكان القرآن الناطق وصوت العدالة الإنسانية.

وفي حديث من أروع أحاديث الإمام علي (ع) يقول: "إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنتك، ولكني وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك". هذا الحديث يصور لنا استقلالية الإنسان في أن يُفكر بحرية وبتأمل عميق في مغزى وجوده، وفي نفسه وحياته وفي الكون الذي يعيّشه ويحيّاه. أن يتفكر حتى تتجلى له الحقائق والأسرار المُودعة في نفسه ومحيطه وعالمه. وحتى يصل لحالة من الاستغراق بحيث يشعر فيها الإنسان بكامل كيان وإحساسه، في كل حركةٍ أو قولٌ بوجود الله الخالق والمؤثر على كل الوجود، والقادر على كل شيء.

فالإمام يعلمنا بأنه لا الخوف من العقاب، أو الطمع في الثواب يجعلك تعبد الله سبحانه. ولكن (وجدتك) أيّ عرفتك (المعرفة الفطرية) وآمنت بك كرب معبود. ولفظة وجدتك تُفيد سعي الإنسان لمعرفة نفسه بالبحث المعرفي والتأمل الذاتي في آثار المخلوقات والكون الواسع، وصولاً لمرحلة اليقين والإيمان العميق الذي لا شك بعده. ومن ثم الوصول إلى المعرفة والاعتقاد بالقوة الحكيمة المُدبرة، ومن ثم تتحول هذه العقيدة القائمة على أساس من الفطرة الإنسانية والمعرفة، إلى حركة إيمان عميق ووعيّ بحضور الله تعالى في حياتنا ومواقفنا وسلوكنا، ليكون الإنسان على بصيرة وقادرٌ على استجلاء الحقائق من خلال الإيمان بالقيم الإنسانية ومعرفة السنن الكونية

10‏/01‏/2002

الإمام الشيرازي وواقعنا الإسلامي

10 يناير 2002

بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
مجلة النبأ- العدد 65- ذو القعدة 1422هـ، كانون الثاني 2002م

مثلما كان الإمام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قدس سره) في حياته مادة مثيرة للجدل الديني والنقاش السياسي، بين أوساط الحكومات الخليجية والطبقة المثقفة ورجال الثورة والسياسة، وصولاً لفقهاء ومراجع الحوزة العلمية وطلبة العلوم الدينية وعامة الناس. جاءت وفاته لتعيد طرح الأسئلة الهامة على مستوى الحوزات العلمية والمدارس الإسلامية المعاصرة.
· تكريم عظماء الأمة:
تدين كافة الأمم والشعوب المتحضرة لرجالاتها المخلصين بالطاعة والولاء، فوقوفنا أمام سيرة هؤلاء العظماء والمصلحين هو ضرورة عقلية تفرضها السنن الكونية والاجتماعية. وذلك بهدف إصلاح النفس الإنسانية الساعية لمراتب التطور والكمال، ومحاولة إصلاح حركة المجتمع الإنساني وتحقيق مبدأ العدالة الاجتماعية وزرع القيم والمبادئ التي بشر بها الأنبياء والمصلحين. ومن هنا جاء ارتباطنا الفكري والروحي بالعلماء والمجاهدين والمصلحين المخلصين كقدوة أخلاقية وأنموذج مثالي للشخصية الإسلامية. وصدق تعالى عندما قال: (لقد كان في قصصهم عبرة) "يوسف/ 111"، (فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) "الأعراف/ 176".
· توضيح عام:
لست أهدف بمقالي هنا إلى استعراض مختلف الأعمال والإنجازات التي قام بها سماحة الإمام الشيرازي (قدس سره)، بقدر ما أحاول بحديثي أولاً الاقتراب من مناطق أصبح من الصعب تجاهلها بفعل تطور الأحداث الإقليمية والعالمية، وثانياً لقناعتي بمدى سيطرة الرموز الدينية والسياسية على مسار الأحداث العامة داخل المجتمع الإسلامي، وارتباط القاعدة الشعبية بهم ارتباطاً روحياً وفكرياً. وثالثاً تأكيد استقلالية الحركة الإسلامية والقوى المعارضة عن الأنظمة الحاكمة. وبالتالي محاولة استقراء الأحداث المعاصرة في مجتمعنا الإسلامي وفق رؤية موضوعية مستقلة، وصولاً لنتيجة مرضيّة آمل أن تكون محل اتفاق بين الفريقين.
· المكانة العلمية والاجتماعية للسيد:
أمتاز الإمام المرجع الديني الإمام السيد محمد الشيرازي (قدس سره) بالخلق الرفيع وسعة الصدر والإحسان لمخالفيه، إلى جانب حرصه على الدراسة الحوزوية والكتابة والتأليف المكثف. وكان يهتم ببحث مسائل جوهرية قل الالتفات إليها من قبل فقهاء الطائفة الشيعية، مؤكداً على شمولية الإسلام في تعاطي الحياة الإنسانية، والسمو بقيمه الأخلاقية ومبادئه الأصيلة كالعدل والحرية والسلام. ولا عجب من ذلك، لأنه من أسرة عريقة في العلم والتقوى والجهاد، خرج منها العديد من العلماء والمجاهدين والقادة العظماء. ويرجع نسبه الشريف إلى الشهيد زيد بن علي بن الحسين بن أبي طالب (ع)، ويعود تاريخهم في العراق إلى أكثر من مائة وخمسين عاماً. وقد عرفوا بالانتساب إلى مدينة (شيراز) لكون جدهم الأعلى (والد المجدد الشيرازي) كان يقطنها.
وممن اشتهر من عائلة الشيرازي العريقة.. المجدد الميرزا محمد حسن الشيرازي (قدس سره)، الذي قاد (ثورة التنباك) في إيران لدحر قوات الإمبراطورية البريطانية العظمى. والميرزا محمد تقي الشيرازي الذي فجر ثورة العراق الكبرى في عام (1920) ووقف بشعبه العراقي الأعزل الذي لا يتجاوز عدد نفوسه الخمسة ملايين نسمة في وجه أعتى إمبراطورية في ذلك الوقت حتى نال العراق استقلاله. وكذلك المفكر الإسلامي الشهيد آية الله السيد حسن الشيرازي (أخ الإمام محمد الشيرازي) الذي أغتاله النظام البعثي في العراق. بالإضافة إلى بقية الأسرة الكريمة التي توزعت عبر بلاد المسلمين كأخوة السيد كالسيد صادق الشيرازي والسيد مجتبى الشيرازي، أو ممن سُجن أو قضى نحبه على يد جلاوزة النظام البعثي الجائر في العراق.
وقد دافع الإمام الشيرازي طوال حياته عن مبادئ الحرية والتعددية والأخوة الإسلامية والشورى والدفاع عن حقوق الإنسان والالتزام بمنهج السلم واللاعنف في الإسلام. وكان نشاطه الميداني يركز على فضح الممارسات الخاطئة للأنظمة الحاكمة، وكانت له مواقف مشهورة ضد وحشية النظام العراقي وعدم شرعية احتلال الكويت. وقد دعا سماحة السيد في مؤلفاته -التي تجاوزت الألف كتاب- إلى مقاومة الاستكبار العالمي والثقافة الغربية والصهيونية، ومن أهم مؤلفاته: (الصياغة الجديدة لعالم الإيمان والحرية والرفاه والسلام)، و(السبيل إلى إنهاض المسلمين) و(ممارسة التغيير لإنقاذ المسلمين) وغيرها.
وينتشر أتباع الإمام الشيرازي ومريديه في دول الخليج كالبحرين والسعودية والكويت وعمان، بالإضافة إلى تواجدهم في سوريا ولبنان وبريطانيا والهند وغيرها من الدول، بحكم الانتشار الواسع للمدارس والمراكز الدينية والمؤسسات الخيرية والأهلية التي تتبع مرجعيته الرشيدة.
· الأسئلة الممنوعة:
يمكن القول بأن وفاة الإمام الشيرازي فتحت الملفات المغلقة كمناسبة لكشف الأسئلة الممنوعة التي يخشى البعض من إعلانها أو التحدث حولها دون وصاية دينية أو موافقة أمنية!! فقد دار الجدل طويلاً في الأوساط الدينية والسياسية، حول ماهية الفكر الإسلامي الذي يطرحه سماحة السيد الشيرازي، وموقعه بين أصحاب المدارس الإسلامية الأخرى. وما مدى واقعية نظرية الشورى في عالم تتجاذبه قوى حزبية وسياسية متعددة؟ وإلى متى يستمر الخلاف بين أنصار نظرية (ولاية الفقيه) وبين أنصار نظرية (شورى الفقهاء والمراجع)؟ وهل يستمر التجاذب طويلاً بين السلطة الإيرانية ومدرسة الإمام الشيرازي؟ ولماذا تنظر بعض حكومات الخليج بخوف وتوجس لمرجعية الإمام الشيرازي؟ وما مدى ارتباط الحركات المعارضة السياسية والتنظيمات الدينية بفكر بالإمام الشيرازي؟
أسئلة عديدة -لا يسعني الإجابة عنها الآن- برزت في الآونة الأخيرة بعد وفاة الإمام الشيرازي، والذي طالما حرص أصحاب المدارس الدينية الأخرى على إقصاءه من مسرح الأحداث، أو التقليل من مكانته والتشكيك في مرجعيته الطويلة، وصولاً للتضييق على أتباعه ووضعه قيد الإقامة الجبرية حتى آخر لحظات وفاته (رحمه الله).
· من ذكريات الماضي:
لعل الكثير من الأخوة الصامدين في البحرين يتذكرون أثناء مراحل الاستجواب والتحقيق الأمني معهم في مرحلة قانون أمن الدولة، كيف كان المحقق المعروف يطرح أسئلته الدقيقة لمعرفة المرجعية الدينية والانتماء السياسي للمتهم. فإذا ثبت لهم بأن المتهم مقلد لمرجعية السيد محمد الشيرازي، حُكم عليه بالسجن لفترات طويلة أو تعرض لتعذيب بدني ونفسي شديد. فكانت عادة (التقية) رائجة لدى المعتقلين لإخفاء المرجعية الدينية التي تكشف طبيعة انتماء المعارضين السياسيين للنظام الحاكم، أو بسبب موقف السلطة الأمنية التعسفيّ اتجاه مسألة الحقوق والحريات الأساسية. في حين أن أغلب المعتقلين السياسيين هم فئات ناشطة في العمل الإسلامي لم يتحركوا من موقع حزبيّ أو تنظيمي، ولهم قاعدتهم الاجتماعية التي تتقاطع مع التيارات الدينية الأخرى. ورغم تلك الصعوبات التي واجهت تيار الإمام الشيرازي ألا أنه بقى محافظاً على وجوده الاجتماعي في الساحة العربية والإسلامية مؤكداً أصالته الدينية وخطه الحركيّ السياسي.
· لنسمو فوق واقع الخلاف والفرقة:
لقد حان الوقت لنقول كلمتنا بصراحة.. بأن نتجنب الخلافات التي تعيق مسيرة الحركة الإسلامية، وتمنع حركة الاجتهاد العلمي والنقد الموضوعي من التطور للإمام. فأحوج ما نحتاجه اليوم هو تقويم فكرنا وسلوكنا وخطابنا على ضوء تعاليم القرآن الكريم ومدرسة أهل البيت (ع). كبديل عن الانشغال بمناقشة المسائل الجدليّة التي لا تنفعنا على مستوى الفكر والواقع العملي، ومحاولة لتحسين أسلوب تعاملنا مع المدارس الإسلامية المغايرة لنا في أسلوب تعاطيها مع الواقع الاجتماعي والسياسي. والعمل على توحيد كلمتنا وصفوفنا ونبذ الخلافات الدينية والتعصب السياسي، واستغلال المآتم والجوامع الحسينية لبث الثقافة الإسلامية، والاهتمام بتربية الناشئة من الشباب. وصولاً إلى للوعي الحضاري الذي يدفعنا لقبول الرأي الآخر في حدود الاعتدال والفهم الصحيح للعقيدة الإسلامية السمحاء، ومحاولة قراءة مسيرة الأحداث المحلية والعالمية قراءة علمية موضوعية، للخروج برؤية معاصرة تمثل فكرنا الإسلامي وروحنا الأصيلة.
أنها دعوة للمحبة والتآلف الاجتماعي واحترام رموز الدين والعلم والجهاد مهما اختلفت الآراء وتعددت التيارات في الوطن الواحد. فهل نرقى إليها بعد سنين من الخلافات التي مزقت مجتمعنا الإسلامي إلى فرق وأحزاب شتى؟!
· في الختام:
لقد رحل الإمام المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قدس سره الشريف) عن عالمنا بعد جهاد طويل قضاه في المنفى وأرض الغربة، فكان الرجل الموسوعي والعلامة العارف والمجاهد بقلمه ولسانه لآخر لحظة من حياته. وسيظل سماحته بعلمه وخلقه وروحه باقٍ في قلوب أنصاره ومحبيه، وستكون كلمته حاضرة دائماً في قلوبهم وعقولهم.. أمانة لكل الأجيال القادمة.
فسلام عليه يوم ولد ويوم رحل عن الدنيا ويوم يبعث حياً مع الأنبياء والصديقين والشهداء. وصدق تعالى القائل: (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).