10 نوفمبر 2002
بقلم- أحمد رضي (كاتب
صحفي):
للمواطن كلمة..
منذ أن
بدأت حركة الانتفاضة الشعبية في البحرين، وبلادي العزيزة ما زالت تعيش فصول جديدة
من النضال الوطني من أجل عودة الشرعية الدستورية للبلاد. وكان مما تمخض عن تلك
الأحداث بروز الرأي الآخر الذي ظل مقموعاً طوال فترة الحكم السياسي للبلاد بالقوة
والقهر والغلبة. وعلى أثر ذلك ظهرت الحركات الفكرية والأحزاب الدينية والسياسية
المعارضة، والتي تملك كلاٌ منها رصيداً شعبياً وأرثاً تاريخياً من المعاناة والألم
سطرته تضحيات المجاهدين ودماء الشهداء وآهات المعذبين ظلماً في السجون والمعتقلات.
وكمواطن عاش سنين الأزمة بكل أحداثها وصورها الأليمة، لم أخفيّ قلقي حينذاك من
أن تندفع المعارضة السياسية في تأييد المشاريع الحكومية دون تخطيط استراتيجي
لموازين القوى، وتذوب في ذاكرة التاريخ كما ذابت المعارضة السعودية الشيعية سابقاً،
بعد عقد المصالحة السلمية مع حكومة آل سعود.
فبالرغم من حالة الجدل الذي خلفها المشروع الإصلاحي في الأوساط الشعبية
والسياسية، يمكن القول بأن الأمير لم يستطع حتى الآن -بعد زوبعة مشروع الميثاق
الوطني- من أن يفتح نافذة قصره العامر، ليطل على الشعب بخطاب لا تنقصه الصراحة
والمكاشفة الموضوعية لتحديد علاقة الحاكم والمحكوم، فيما يمثله (الدستور) من وثيقة
صلح بين الحاكم والمحكوم. فما زال الحاكم مطالب بضمانات حقيقية للتعبير عن الآراء
بكل حرية ودون خوف من الرقابة الأمنية، وعلاج التركة الثقيلة للجهاز الداخلي وإقصاء
رموزه الأمنية، وبيان مسألة الفصل بين السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية
والقضائية) بشكل يضمن تواصل المسيرة الديمقراطية، إلى جانب تحديد صلاحيات مجلس
الشورى، وإعلان حرية الصحافة، وحسم مسألة البطالة والتجنيس الغير قانوني… وغيرها.
وبالرغم من
التناقضات الواضحة لمشروع الميثاق الوطني مع دستور البلاد، وغياب الرقابة الدولية
التي تضمن لنا نزاهة ومصداقية نتائج الاستفتاء الشعبي. سعى أقطاب المعارضة السياسية
للحصول على ثقة الشعب بشكل حقق الإجماع الكلي لقبول المتغيرات السياسية، وكخطوة نحو
تفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية بعد غياب طويل. وكان موقفنا هو إبداء التحفظ
بشأن الغموض الذي أحاط بمشروع الميثاق الوطني، بالرغم من اتفاقنا مبدئياً مع كل
الخطوات الإيجابية لإصلاح الأوضاع السياسية والاقتصادية المتردية.
ما يهمني قوله كمواطن عاش شعبه طوال –نصف قرن- محروماً من أبسط حقوقه وحرياته
الأساسية، وقدم أبناؤه المخلصون الكثير من التضحيات الخالدة، بمختلف طوائفهم
الدينية وانتماءاتهم السياسية. أننا بحكم تكليفنا الشرعي وواجبنا الإنساني مسؤولون
جميعاً أمام الله، وأمام الأجيال القادمة، بحفظ وصايا شهدائنا الأبرار ورعاية
تضحيات المعذبين والمهجرين. وعدم المساومة على قيمنا الدينية وثوابتنا الأخلاقية،
أو التفريط في حقوقنا وحرياتنا الأساسية. وأن ما حدث اليوم وما سيحدث غداً يتحمل
الجميع نتائجه، ولن تغيّر التقلبات السياسية أو الأهواء الشخصية قناعتنا بالمطالب
الشرعية أو تقلل إيماننا بعدالة قضيتنا.
وكشعوب حرة عاشت النضال السياسي والاجتماعي، نتعهد بأننا لن ننسى أبداً تضحيات
أبناء الوطن المخلصين. ولن نندفع بحماس كبير لتأييد الحكومة لأيّ محاولة التفاف على
سلطة القانون، أو إدخال البلاد في دوامة العنف من جديد، وما زال هناك الكثير من
الأوراق بحاجة لفتحها وحسمها. وفي نفس الوقت فإننا مطالبون بالوقوف مع القيادات
الشعبية المخلصة، والتمسك بمبدأ الوحدة الوطنية، وتنسيق مواقفنا الداخلية والخارجية
من أجل رفع حالة الحصار الأمني التي خلفها قانون أمن الدولة. كما تجب المبادرة
بتفعيل دور النوادي والجمعيات الأهلية والمؤسسات الدينية، لتواكب حركة العصر بكل
متغيراته السريعة.
مرة أخرى أقول كلمتي اليوم وليس غداً..
كمواطن عاش التجربة بمرارة وألم، وكإنسان يعشق الحرية من منطلق إيماني بعدالة قضية
شعبي. علينا التفكير جدياً في مصلحة أبناء الوطن ومستقبلهم، وأن نفكر ألف مرة قبل
أن نقول كلمة (نعم) أو (لا) دون تعريض المواطن لأيّ مساومة أو محاولة ابتزاز من
كرامتنا وحريتنا. وهي دعوة صادقة موجهة لجميع العلماء والمفكرين وأفراد الشعب
بمختلف تياراتهم الفكرية وأحزابهم السياسية للعمل من أجل بناء الوطن ومستقبله،
وإبداء آرائهم بحرية بخصوص أهم مرحلة تاريخية تمر بها البلاد منذ اشتعال فتيل
الانتفاضة الشعبية. فدعونا جميعاً نرسم خريطة الوطن الذي نال استقلاله بالأمس بفضل دماء الشهداء،
وها هو اليوم ينعم بفضل تضحياتهم العظيمة لينال الحرية والعزة والكرامة.
كلمة أخيرة:
قال محرر الهند الزعيم غاندي: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر). وصدق الإمام الحسين (ع) حين قال: كونوا أحراراً في دنياكم.
قال محرر الهند الزعيم غاندي: (تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر). وصدق الإمام الحسين (ع) حين قال: كونوا أحراراً في دنياكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق