27 ديسمبر 2009
قطرات الأمل والعطاء… فعل
جاوز الزمان والمكان
· ريبورتاج- أحمد رضي:
الموضوع نشر بالملحق الإعلامي التابع لحملة الإمام الحسين
(ع) للتبرع بالدم
صحيفة الأيام البحرينية- الجمعة 8 محرم 1431هـ، 25 ديسمبر
2009، العدد 7564
ماذا يعني أن أتبرع بدمي
؟!
وهل تشكل قطرات دمي (شيء ما) يحتاجه مريض في مكان
ما…؟!
وما هو الدافع الذي يحركني لفعل التبرع.. ولفعل إراقة الدم..
ولفعل لا أعرف مقدار وزنه وحجمه؟!
يقولون "الدم هبة الحياة".. وكغيري أجهل شعار لا يمس
احتياجاتي أو يتعلق بمشاعري.. أو أن أهب بمقابل مادي أو معنوي.. فالمادة هنا لا وزن
لها… والفعل (التبرع) لا يسبر غوره ويدرك سره ألا ذاك المكتوي بنار الألم ومعاناة
المرض اليومية.
زرت صديقي بجناح المستشفى.. وقبل الوصول وصلتني أصوات مرضى
يتأوهون ويشتكون، وأنا أجهل السبب!! وما هو العلاج المناسب لهم قبل الوصول للحظة
العجز وفقدان الأمل.
سألت نفسي كيف يدفعني ذاك الدافع براية الدين أو فعل الخير
للقيام بعمل القلة النادرة التي تجود بدمائها من أجل الآخرين. وهل يملك الدين
تأثيراً أقوى من فعل السياسة وسحر الدعاية والإعلام؟!
وهل يفرق دمي بين أبيض وأسود.. أو بين عربي وأعجمي أو هندي..
فالدم أقوى علامة جامعة شاملة للرابطة الإنسانية البشرية.. يوم اسفح دمي في موكب ما
أو ميدان قتال باسم الآله والرب، فهو عملٌ تقديره يعود للذات.. للنفس.. ويوم أريق
قطرات دمي متبرعاً بفعل الخير.. تكون الذات قد توحدت مع أجناسها البشرية في خط متصل
بمحبة الله سبحانه. فكل فعل خير له ثوابه وخير الأعمال ما فيها مرضاة الرب وراحة
الناس.. ليس كل الناس، بل خواص الناس، قلوبهم طاهرة بريئة محى الألم ذنوبها، وطهرت
المعاناة أنانيتها… رجعت للمريض ورأيته يتلوى يمنة ويسرى، ينفطر الفؤاد عند رؤيته..
فكيف السبيل لتخفيف ألمه، وما هو الدواء الناجع لمرضه؟!
عجبت كيف يسمون هؤلاء ملائكة الرحمة بلباسهم الأبيض الجميل،
وتلك الممرضة الرشيقة التي محت وجوه المرضى مشاعر العطف في محياها.. فتحسبها جامدة
المشاعر وبليدة الإحساس. يتملكني الخوف والجزع وساورني شعور مقلق.. كيف أتبرع بدمي
للآخر الذي أجهل اسمه ومذهبه ووطنه؟!!
حركني الدافع الديني.. فعل الخير.. في شهر يقدس الدم.. أحب
الإمام الحسين (ع) وأرفع شعاره: يا ليتنا كنّا معك فنفوز فوزاً عظيما.. وأرغب
بالمشاركة في فعل الجهاد والموت في سبيل ديني وعقيدتي والدفاع عن الأرض المقدسة…
ولكن فعل الحب هو حياة لا موت، وفعل الموت هو أسمى غايات الحب الإلهي.. ودونه نفسي
هيهات.. فكيف السبيل للوصال مع المحبوب في ساحة قدسه؟ وكيف الطريق لمشاركة إمامي
وقائدي في معركة الحياة والموت ؟!
قررت.. فعل مجازفة وقناعة
راسخة.. أن أحارب في معركة لم يحين موعدها بعد.. وأن أعيش حياتي أكثر من مرة قبل
موتي المحتوم.. ساورني شعور غريب لذيذ، لا أعرف كيف أصفه، وأجهل كيف انتفضت بمحبة
عارمة لخطوات احسبها في الميزان كبيرة.. قررت أن أتبرع دون مقابل أو انتظار رسالة
شكر أو ثواب.. قطرات دمي رخيصة أقدمها للإنسان.. ذاك أخي في الدين أو نظيري في
الخلق.
قطرات تبعث الأمل والحياة
في قلب إنسان ينظر لك نظرات الشكر والامتنان.. يود لو يقبل يديك بمحبة من أنقذت
حياته… قررت أن أتبرع ولا أسال نفسي الأنانية أين يذهب دمي؟ وإلى من أهبه؟ فالعطاء
فعل جاوز المكان والزمان.. واختلط فعل التبرع بفعل المحبة للمحبوب.. وبفعل التضحية
للشهيد… وبفعل الذوبان في آلام أخيك الإنسان… فلا تسألني أين سافرت يوم العطاء؟ ولا
تنتظر جواب من أحب العطاء مع محبوبه الأسمى؟!
دمي.. ما أغلاه يسري في
قلب أخي الإنسان.. ما أقربه طريق حب ولذيذ ذكر ومناجاة مع المحبوب الأسمى… وكل
أنفاس البشر توصلك إليه بعدد دقات قلب أخيك التي اصطفيته بدمك وحبك وعطاءك.
وصدقت بقولك: هيهات منّا الذلة… ويا ليتنا كنّا معكم فنفوز فوزا
عظيما.
يد تمسك للعطاء.. علامة فعل القوة والثبات
والثقة
|
الفعل يحررك من الخوف والقلق ويدفعك لساحة الحب والعطاء
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق