11 فبراير 2011
انتفاضة من أجل الكرامة والحرية والحقوق
المشروعة
بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
على وحي أحداث الثورة الشعبية التي هبت في تونس
ومصر، وأدت لسقوط تلك الأنظمة الدكتاتورية وإجراء تغيير سياسي جوهري بيد شباب مسالم
تسلح بالوعي والإيمان والصبر… تداعى الشباب في البحرين ليوم غضب وطني بتاريخ 14
فبراير للخروج بمسيرات سلمية لتحقيق مطالب عدة، ابرزها طرح دستور توافقي يكتبه
أبناء الشعب، وإنشاء هيئة خاصة مفوضة تفويضاً كاملاً من أبناء الشعب بصلاحيات
كاملة، هدفها الوصول الى توافق ومصالحة وطنية, عن طريق البت والمحاسبة في التعديات
السياسية و الإقتصادية والإجتماعية والأمنية, بما فيها: (الثروات العامة المنهوبة،
التجنيس السياسي، الاعتقالات التعسفية والتعذيب والقوانين و المؤسسات الامنية
الجازفة، الفساد الاداري والاقتصادي) وهي مطالب مشروعة يتفق عليها مواطني البحرين
بكل تياراتهم الدينية والسياسية.
وتتمثل رمزية هذا اليوم (14 فبراير) في كونه اليوم
الذي انقلب فيه الملك حمد بن عيسى على المواثيق التي تعهد بتنفيذها من خلال مشروع
الميثاق الوطني في 2001 واخلى بتعهداته بشأن الاصلاحات السياسية، والاتيان بدستور
حكومي (دستور 2002) لا يمثل طموح الشعب البحريني. وقد قابلت العائلة الخليفية
الحاكمة التأييد الشعبي للمشروع الوطني بالنكران للوعود التاريخية، مما أربك جميع
الرموز الدينية والسياسية، وجعلهم يتحملون مسئولية كبرى أمام الأمة التي وثقت بهم
نتيجة غياب التخطيط السياسي وفقدان الرؤية السليمة لمنطق الصراع بين الحكومة
والمعارضة السياسية.
وفي تلك المرحلة السياسية الحساسة وبعد ان أعلنت أغلب
الشخصيات والقوى السياسية تأييدهم لمشروع ميثاق العمل الوطني حينذاك، تم التضييق
على الرأي الآخر من التحدث بحرية لكشف سيناريو الانقلاب على الدستور، وتم القضاء
على جوهر المعارضة السياسية التي نشطت خارج البحرين من خلال خطوات عديدة تتمثل في:
عقد لقاءات سرية مع بعض رموز المعارضة، تقديم تسهيلات مالية وإصدار عفو أميري،
إسقاط كافة التهم الموجهة لهم في مرحلة أمن الدولة، إخراج التيار الليبرالي
والإسلامي وخصوصاً (الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين) من المعادلة السياسية،
والاكتفاء بمطالب محددة لا تمس الذات الأميرية أو مستقبل الحكم الخليفي في البحرين.
ومنذ تلك الفترة الزمنية مر المشهد السياسي في البحرين
بحالات من الاضطراب وفقدان التوازن الاجتماعي والاستقرار الأمني لأسباب عديدة،
ويرصد المراقبون ما يتعرض له المواطن البحراني (شيعة وسنة) بجميع تلاوينهم السياسية
ومرجعياتهم الدينية من تحديات خطيرة تتعلق بوجودهم وحرياتهم وكرامتهم، ومشاريع
خطيرة كالتمييز الطائفي والتجنيس والفساد والتغيير الديموغرافي وتقييد الحريات
السياسية وانعدام الأمن والاستقرار في هذه الجزيرة الصغيرة.
وحقيقة ما يجري في البحرين يتجاوز التفسير الطائفي
الذي ينسب حركة الاحتجاج السياسي إلى الشيعة (الأكثرية السكانية المعارضة)، لأن النظام
السياسي لا يعترف بوجود أزمة حقيقية تهدد البلاد بفعل عوامل سياسية واقتصادية
واجتماعية، وتشوه معالمه الداخلية وهويته الضائعة. وخلف الظاهر من المشهد السياسي
بلاعبيه الكبار والصغار، تكمن حقيقة أخرى مفادها عدم قدرة السلطة السياسية تاريخياً
واجتماعياً على تطبيع علاقاتها مع الشعب البحراني المعروف بتدينه وتسامحه وانفتاحه
على الشعوب، بالرغم من أن أدبيات المعارضة أو مجمل النصوص الدينية في الوسط
الاجتماعي تحض على نبذ العنف وكراهية استعمال القوة ألا في حالة الدفاع الذاتي
وصولاً لتحقيق الرغبة المستحيلة في مصالحة السلطة السياسية.. وقد تكون هذه إحدى
الحلقات المفقودة من زمن طويل.
واليوم.. تبرز لنا معادلة جديدة ظلت مغيبة طوال العهد السابق أو تم تجاهلها وتغيبيها عمداً من قبل السلطة السياسية والقوى الداعمة لمشروع الميثاق الوطني، وهي معادلة "المقاومة الشعبية المدنية" بطابعها السلمي كحركة شبابية غير طائفية أو حزبية تدعو إلى تغيير سياسي حقيقي قائم على العدالة الاجتماعية وتطالب بالحقوق والحريات المشروعة، وهي حركة نابضة من رحم معاناة الشعب وعوائل الشهداء والأرواح المعذبة.
واليوم.. تبرز لنا معادلة جديدة ظلت مغيبة طوال العهد السابق أو تم تجاهلها وتغيبيها عمداً من قبل السلطة السياسية والقوى الداعمة لمشروع الميثاق الوطني، وهي معادلة "المقاومة الشعبية المدنية" بطابعها السلمي كحركة شبابية غير طائفية أو حزبية تدعو إلى تغيير سياسي حقيقي قائم على العدالة الاجتماعية وتطالب بالحقوق والحريات المشروعة، وهي حركة نابضة من رحم معاناة الشعب وعوائل الشهداء والأرواح المعذبة.
والخطوط العامة حالياً تشير لظهور معارضة شعبية وقودها
الشباب ولها مكانتها في الوسط الديني والاجتماعي، ومن واجبنا كمواطنين ورجال دين
وسياسة وقانون ومراسلين وكتّاب صحفييّن وعمال وعاطلين وآباء وأمهات وشباب أن ندعم
تلك الروح الحيّة ونتعاون مع الشباب في خطواته السلمية، ونتجاوز أخطائنا السابقة في
العمل السياسي التنظيمي. وأن نعمل على خلق واقع سياسي جديد من خلال تحريك الملفات
الساخنة والضغط على النظام الحاكم للتوافق حول دستور توافقي وتحسين ملف حقوق
الإنسان ومعالجة قضايا التجنيس والتعذيب والبطالة والفساد السياسي وغيرها.. وكل ما
نأمله من أخوتنا العاملين هو ضرورة الالتفات لدروس التاريخ والاستفادة من الأخطاء
السابقة وعدم تكرارها، وأهمية مراجعة وتقييم نشاط الحركة من حين لآخر والاعتراف
بالخطأ إذا تطلب الأمر، والإيمان بقدرة الشارع (القوى الشعبية) على تأسيس شرعية
جديدة للنظام السياسي الحاكم وإحداث التغيير الإيجابي في مسار الأمة وصناعة
مستقبلها المشرق بالأمل.
وصدق الشاعر التونسي أبي القاسم الشابي حين
قال:
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلِ ولابد للقيد أن ينكسر
اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلِ ولابد للقيد أن ينكسر
* صحيفة الانتقاد
اللبنانية:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق