10 أغسطس 2004
بقلم- أحمد رضي (كاتب صحفي):
منتديات البحرين- 10/8/2004م.
في حديث خاص مع أحد المستشارين الإعلاميين حول مستقبل الصحافة والإعلام البحريني، بادرته متسائلاً: ما هي الجهة المخولة بإدارة وزارة الإعلام ؟ فأجابني بكل ثقة قائلاً: لقد عملت لأكثر من عشرين سنة بالوزارة، ولم أعرف من هي الجهة المخولة بصياغة الخطاب الإعلامي وتنفيذه، لأن أغلب قرارات الوزارة تحاك خلف الستار بأيدي مجهولة وتتجاوز سلطة وزير الإعلام ذاته !!
صحافتنا المحلية وشعارات الحرية!!
ربما يتساءل المواطن هل تواكب الصحافة المحلية في البحرين المشروع الإصلاحي بكل شعاراته المرفوعة كالحرية والديمقراطية !! في البداية.. لا نستطيع الجزم نهائياً بأن صحافتنا قد حققت أهدافها المرفوعة لمصلحة المواطن البحريني، فهناك أولاً آراء متباينة من قبل المواطنين اتجاه المشروع الإصلاحي.. فلم تأتي الإصلاحات على حجم التضحيات الكبيرة للشعب البحريني أو في مستوى طموح المواطن البسيط الذي يتوق إلى الحرية والعدالة والسلام. وثانياً: من المعروف أن للصحافة البحرينية تاريخها العريق ومواقفها النضالية اتجاه العديد من القضايا المصيرية، وصحافتنا المحلية لم ترقى حتى الآن إلى درجة تلامس عمق نبض الشارع العام بسبب القيود الأمنية والعقبات القانونية. ولذلك انتشرت ظاهرة الكتابة على الجدران أو التعبير بدون ضوابط في المنتديات الإلكترونية، وكل ذلك بسبب عدم تمتع المواطن بالحرية للتعبير عن رأيه من خلال القنوات الإعلامية المفتوحة.
مستقبل حرية التعبير في البحرين
كمواطن أعتقد بأن البحرين يوماً ما سوف تأخذ مكانتها الطبيعية بين الأمم والشعوب، وتتربع بفخر واعتزاز للتعبير عن عروبتها وهويتها الإسلامية كما كانت سابقاً. أما بخصوص صحافتنا المحلية فهي بحاجة إلى تغيير حقيقي يضمن لها حريتها التي يصونها القانون، وأن تحاسب الحكومة والمعارضة معاً بكل صدق، وأن تطرح الملفات الساخنة بكل قوة وجرأة كقضايا التجنيس والتمييز الطائفي والتعذيب وكشف مظاهر الفساد السياسي والانحراف الأخلاقي في مجتمعنا الإسلامي.
فالصحافة التي ينشدها المواطن هي الصحافة الحرة التي تعبر عن آراء الشارع العام بمختلف تياراته الفكرية والسياسية سواء أكانت صحف حكومية أو معارضة، فهي بمثابة "السلطة الرابعة" أي أنها تأتي بعد السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. وما يريده كل مواطن محب لوطنه هو محاربة الفساد في وزارات الدولة، وتحسين ظروف المعيشة، وأن يتمتع جميع المواطنين بالآمن والحرية والكرامة في ظل القانون، وأن تكون هناك محاسبة جادّة لأيّ مسئول أو وزير عندما يخطأ، وأن تمارس الجمعيات السياسية والشخصيات الدينية والقانونية واجبها في مصارحة المواطن بكل صدق بالحقائق والمعلومات، وتوعية الجماهير ثقافياً وأخلاقياً، وتنمية روح المبادرة والاستقلالية عند اتخاذ القرارات الصعبة، وتحديد أولويات المرحلة السياسية بكل وضوح ودقة.
قانون المطبوعات يخنق الحريات العامة
قانون المطبوعات الجديد جاء بشكل أكثر تعسفاً من القانون السابق، وهو صنيعة عقول أمنية ما زالت تحكم مسيرة الإعلام المحلي وتأبى مصالحة الشعب وضمان حقوقه وحرياته الأساسية. وحتى الآن لم نشهد حركة حقيقية بالنسبة لحرية النشر وتداول المطبوعات الخارجية أو السماح بإنشاء نقابة أو جمعية صحفية مستقلة، والمطالبة الشعبية مستمرة لإلغاء كافة أشكال الرقابة المسبقة على وسائل الإعلام والصحافة من خلال تعديل قانون المطبوعات. فما نحتاجه بصدق هو إجراء تغيير حقيقي لوزارة الإعلام، وإعادة رسم صورة جديدة للإعلام المحلي بما يتوافق مع حجم المتغيرات العالمية، مع مراعاة عادات وتقاليد البلد وهويته الإسلامية.
ولذلك فإن قيام السلطة الأمنية بإغلاق المواقع الإلكترونية أو توقيف الصحفيين والمراسلين أو جرجرة رؤساء التحرير وغيرها من الممارسات المخالفة لبنود القانون، وهو دليل على غياب الرؤية الواضحة للسلطة التنفيذية في معالجة قضايا حرية التعبير والنقد في نطاق القانون المتفق عليه.
تجربة متواضعة مع الصحافة والإعلام
تجربتي المتواضعة في مجال الصحافة والإعلام علمتني الكثير من الدروس والتجارب الحيّة، ومن خلالها انفتحت عيني على حقائق كثيرة لمعاناة المواطن البحريني. وقد بدأت تجربة الصحافة مع إحدى الصحف المحلية لمدة ثلاث سنوات، وانتهت بإيقافي لأسباب أمنية بأمر من وزير الإعلام نبيل الحمر ودون إعطائي حتى شهادة خبرة من قبل الصحيفة التي كان يرأس تحريرها حينذاك!! وقد كانت لي علاقات جيدة مع وسائل الإعلام والصحافة الخارجية، ودفعتني التجارب إلى التعاون مع محطة المنار الفضائية، وهي مرحلة هامة في حياتي لم أنساها أبداً، فخلال هذه الفترة (بداية مرحلة الميثاق) رفعت خطابي لوزارة الإعلام للبت في طلب اعتمادي رسمياً كمراسل إعلامي، ولكن طلبي ظل معلقاً لمدة سنتين دون جواب، بل قُوبل بالتجاهل والاستخفاف ووصل الأمر لرفض طلبي مباشرة وتهديدي بالاعتقال من قبل مدير الإعلام الخارجي الشيخ خليفة بن محمد آل خليفة. وقد أطلعت فيما بعد على نص دعوة مرفوعة من قبل وزارة الإعلام إلى النيابة العامة لإجباري على إيقاف النشاط الإعلامي بناءاً على مواد قانون المطبوعات !!
وبالتالي نتيجةٍ للظروف المهنية والاجتماعية والضغوط الأمنية اضطررت لإيقاف نشاطي الإعلامي (بشكل غير نهائي) حتى تتغير القوانين التعسفية، ويصبح الرجل المناسب في المكان المناسب، وأستطيع كمواطن ممارسة حقي في التعبير عن الرأي وفق القنوات الشرعية بكل حرية. وبالطبع فإن الوضع الإعلامي وسياسة تقييد الحريات في البحرين ينسحب على كل دول الخليج العربي.
وبعد كل هذه التجارب لم أيأس أبداً، فما زلت أؤمن باستقلالية القلم، وضرورة الإيمان بحق الإنسان أن يعيش بحرية وكرامة وعزة في وطنه، وأن الحياة حقل تجارب نعرف من خلالها معادن الناس، وإيماني بديني وحبي لوطني يدفعني للبحث عن الحقيقة ومواجهة تحديات الواقع من أجل عالم تسوده قيم السماء.
http://montbh.net/modules.php?name=Sections&op=viewarticle&artid=1261